ومن العجب أنهم لم يجعلوا حكم الماء للماء الذي مازجه شئ طاهر لم يزل عنه اسم الماء، وجعلوا للفضة المخلوطة بالنحاس - خلطا يغيرها - حكم الفضة المحضة، وكذلك في الذهب الممزوج فجعلوه كالذهب الصرف في الزكاة والصرف، وهذا هو الخطأ وعكس الحقائق، لأنهم أوجبوا الزكاة في الصفر الممازج للفضة، وهذا باطل، وأباحوا صرف فضة وصفر بمثل وزن الجميع من فضة محضة، وهذا الربا بعينه، وأما الوضوء بماء قد مازجه شئ طاهر فإنما يتوضأ ويغتسل بالماء ولا يضره مرور شئ طاهر على أعضائه مع الماء * وقال بعضهم: هو كماء الورد. قال أبو محمد: وهذا باطل، لان ماء الورد ليس ماء أصلا، وهذا ماء وشئ آخر معه فقط * 148 - مسألة - فان سقط عنه اسم الماء جملة كالنبيذ وغيره، ولم يجز الوضوء به ولا الغسل، والحكم حينئذ التيمم، وسواء في هذه المسألة والتي قبلها وجد ماء آخر أم لم يوجد * برهان ذلك قول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء) ولما كان اسم الماء لا يقع على ما غلب عليه غير الماء حتى تزول عنه جميع صفات الماء التي منها يؤخذ حده -: صح أنه ليس ماء، ولا يجوز الوضوء بغير الماء وهذا قول مالك والشافعي وأحمد وداود وغيرهم، وقال به الحسن وعطاء بن أبي رباح وسفيان الثوري وأبو يوسف وإسحاق وأبو ثور وغيرهم * وروى عن عكرمة أن النبيذ وضوء إذا لم يوجد الماء ولا يتيمم مع وجوده * وقال الأوزاعي: لا يتيمم إذا عدم الماء ما دام يوجد نبيذ غير مسكر، فإن كان مسكرا فلا يتوضأ به * وقال حميد (1) صاحب الحسن بن حي: نبيذ التمر خاصة يجوز الوضوء به والغسل المتفرض في الحضر والسفر، وجد الماء أو لم يوجد، ولا يجوز ذلك بغير نبيذ التمر، وجد الماء أو لم يوجد *
(٢٠٢)