بحجة العقل لكن فاعل ذلك مصحح لقضيته العقلية التي يحتج بها فظهر تناقضه من قريب ولا حجة له غيرها فقد ظهر بطلان قوله، وأما نحن فلم نحتج قط في ابطال القياس بقياس نصححه، لكن نبطل القياس بالنصوص وببراهين العقل ثم نزيد بيانا في فساده منه نفسه بأن نرى تناقضه جملة فقط، والقياس الذي نعارض به قياسكم نحن نقر بفساده وفساد قياسكم الذي هو مثله أو أضعف منه، وكما نحتج على أهل كل مقالة من معتزلة ورافضة ومرجئة وخوارج ويهود ونصارى ودهرية من أقوالهم التي يشهدون بصحتها فنريهم تفاسدها وتناقضها، وأنتم تحتجون عليهم معنا بذلك ولسنا نحن ولا أنتم ممن يقر بتلك الأقوال التي نحتج عليهم بها، بل هي عندنا في غاية البطلان والفساد، وكاحتجاجنا علي اليهود والنصارى من كتبهم التي بأيديهم. ونحن لا نصححها بل نقول إنها لمحرفة مبدلة، لكن لنريهم تناقض أصولهم وفروعهم لا سيما وجميع أصحاب القياس مختلفون في قياساتهم، لا تكاد توجد مسألة الا وكل طائفة منهم تأتي بقياس تدعى صحته تعارض به قياس الأخرى وهم كلهم مقرون مجمعون، على أنه ليس كل قياس صحيحا ولا كل رأى حقا، فقلنا لهم، فهاتوا حد القياس الصحيح والرأي الصحيح الذي يتميزان به من القياس الفساد والرأي الفاسد وهاتوا حد العلة الصحيحة التي لا تقيسون إلا عليها من العلة الفاسدة فلجلجوا (1) * (قال علي) وهذا مكان إن زم (2) عليهم فيه ظهر فساد قولهم جملة، ولم يكن لهم إلى جواب يفهم سبيل أبدا وبالله تعالى التوفيق، فان اتوا في ذلك بنص قلنا النص حق والذي تريدون أنتم اضافته إلى النص بآرائكم باطل وفي هذا خولفتم، وهكذا أبدا فان ادعوا أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على القول بالقياس قيل لهم، وكذبتم بل الحق أنهم كلهم
(٥٨)