للعلماء في هذا الحديث أقوال منهم من تأوله على أنه جمع بقدر المطر وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين وهو ضعيف بالرواية الأخرى في مسلم من غير خوف ولا مطر ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر دخل فصلاها وهذا أيضا باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها فيه فصارت صورته صورة جمع وهذا أيضا ضعيف وباطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ومنهم من قال هو محمول على الجمع بقدر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الاعذار وهو قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولي والروياني وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث ولان المشقة فيه أشد من المطر وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وقو قول بن سيرين وأشهب وحكاه الخطابي عن القفال الكبير الشاشي من أصحابنا وعن أبي إسحاق المروزي وجماعة من أصحاب الحديث واختاره بن المنذر ويؤيده أن في مسلم قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره انتهى كلام النووي وقد اختار ما اختاره من جواز الجمع بعذر المرض جماعة من المتأخرين منهم السبكي والأسنوي والبلقيني وهو اختياري
(١٦٣)