لم أر فيه شيئا، وقضية إطلاقهم عدم الفرق، لكنهم في مواضع فرقوا بينهما كما تقدم اه. والفرق أوجه وسيأتي ما يؤيده.
ولو ألقى صاحب المتاع متاعه عند خوف الهلاك بلا استدعاء لم يرجع على الركبان بشئ، وإن كان في حالة يجب فيها الالقاء. (وإنما يضمن ملتمس) من مالكه طرح متاعه (لخوف غرق) للسفينة ففي حالة الامن لا ضمان سواء أقال وعلي ضمانه أم لا. كما لو قال له: أهدم دارك أو أحرق متاعك ففعل ولو لم يوجد الخوف ولكنه متوقع. قال الزركشي: ينبغي تخريج خلاف فيه من تنزيل المتوقع منزلة الواقع اه. والظاهر عدم الضمان، ثم أشار المصنف رحمه الله تعالى لشرط الضمان بقوله: (ولم يختص نفع الالقاء بالملقى) وهو مالك المتاع بأن كان معه في السفينة المشرفة على الغرق وغيره، وهذا صادق بست صور: الأولى أن يختص النفع بالملتمس. الثانية أن يعود له ولمالك المتاع. الثالثة أن يختص بغيرهما. الرابعة أن يختص بمالك المتاع وأجنبي. الخامسة أن يعود للملتمس وأجنبي. السادسة أن يعم الثلاثة، وفي جميعها يضمن الملتمس ولم يصرحا في الشرح والروضة بالثانية ولا السادسة، أما إذا اختص نفع الالقاء بالملقى وحده بأن أشرفت سفينته على الغرق وفيها متاعه، فقال له آخر من الشط: ألق متاعك وعلي ضمانه فألقاه لم يجب شئ لأنه يجب عليه الالقاء لحفظ نفسه فلا يستحق به عوضا، كما لو قال للمضطر: كل طعامك وأنا ضامن له فأكله فلا شئ له على الملتمس.
فروع: لو قال شخص لآخر: ألق متاعك في البحر وأنا ضامن له وركاب السفينة أو على أني أضمنه أنا وركابها أو أنا ضامن له وهم ضامنون، أو أنا وركاب السفينة ضامنون له كل منا على الكمال، أو على أني ضامن، وكل منهم ضامن لزمه الجميع لأنه التزمه، أو قال: أنا وركاب السفينة ضامنون له لزمه قسطه، وإن لم يقل معه كل منا بالحصة، وإن أراد الاخبار عن ضمان سبق منهم فصدقوه فيه لزمهم، وإن أنكروا صدقوا، وإن صدقه بعضهم فلكل حكمه، وإن قال: أنشأت عنهم الضمان ثقة برضاهم لم يلزمهم وإن رضوا، لأن العقود لا توقف، وإن قال: أنا وهم ضمناء وضمنت عنهم بإذنهم طولب بالجميع، فإن أنكروا الاذن فهم المصدقون حتى لا يرجع عليهم، وإن قال: أنا وهم ضامنون له وأصححه وأخلصه من مالهم أو من مالي لزمه الجميع كما لو قال اختلعها على ألف أصححها لك وأضمنها لك من مالها تلزمه الألف، وإن قال: علي نصف الضمان وعلى فلان ثلثه وعلى فلان سدسه لزمه النصف فقط لأنه الذي التزمه، وإن قال: أنا وهم ضامنون له ثم باشر الالقاء بإذن المالك ضمن الجميع في أحد وجهين، حكاه الرافعي عن القاضي أبي حامد، وقال الأذرعي إنه نص الام، وقيل بالقسط عملا بقضية اللفظ، ولو قال شخص لعمرو: ألق متاع زيد وعلي ضمانه ففعل ضمن عمرو دون الآخر لأنه المباشر للاتلاف.
تنبيه: سكت المصنف عن المضمون أهو المثل ولو صورة كالقرض أو المثل في المثلي والقيمة في المتقوم أو القيمة مطلقا؟ وتعتبر قيمة الملقى حيث أوجبناه قبيل هيجان البحر إذا لا قيمة له حينئذ ولا تجعل قيمته في البحر مع الخطر كقيمته في البر، وظاهر كلامهم الأخير، وإن كان الملقى مثليا ورجحه البلقيني لما في إيجاب المثل من الاجحاف، وعلله البلقيني بأنه لا مثل لمشرف على الهلاك إلا مشرف على هلاك وذلك بعيد، وجزم في الكفاية بالوسط ورجحه الأذرعي وهو كما قال شيخي أوجه من كلام البلقيني خلافا لبعض المتأخرين، نعم إن كان المأمور أعجميا يعتقد وجوب طاعة آمره ضمن الآمر، وهذا هو الذي يؤيد ما تقدم ولو لفظ البحر المتاع الملقى فيه على الساحل فظفرنا به أخذه المالك واسترد الضامن منه عين ما أعطى إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ما سوى الأرش الحاصل بالغرق فلا يسترده كما صرح به الأسنوي، وقال الأذرعي إنه واضح. (ولو عاد) أي رجع (حجر منجنيق) وهو بفتح الميم والجيم في الأشهر فارسي معرب يذكر ويؤنث: آلة ترمى بها الحجارة، وحكي كسر الميم ومنجنوق بالواو ومنجليق باللام، واختلفوا في زيادة ميمه ونونه، فذهب سيبويه إلى أن ميمه أصلية ونونه زائدة، ولذلك تثبت في الجمع (فقتل أحد رماته) وكانوا عشرة مثلا (هدر قسطه) من ديته، وهو في هذا المثال عشرها (وعلى عاقلة) كل من