مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٨٧
شئ لم يضمن مالكها لأن ذلك لم يكن بصنعه بخلاف الميزاب ونحوه، نقله البغوي في تعليقه عن الأصحاب (ولو طرح) شخص (قمامات) جمع قمامة بضم القاف: أي كناسة (وقشور بطيخ) بكسر الموحدة أو رمان أو نحو ذلك (بطريق) فتلف بذلك شئ (فمضمون على الصحيح) وبه قطع الجمهور كما في أصل الروضة، سواء أطرحه في متن الطريق أم طرفه لأن الارتفاق الطريق مشروط بسلامة العافية ولان في ذلك ضررا على المسلمين كوضع الحجر والسكين ، والثاني لا ضمان الاطراد العادة بالمسامحة به مع الحاجة.
تنبيه: محل الخلاف كما في الروضة وأصلها في طرحها في غير المزابل والمواضع المعدة لذلك وإلا فشبه القطع بنفي الضمان، ومحله أيضا إذا كان المتعثر بها جاهلا، فإن مشى عليها قصدا فلا ضمان قطعا كما لو نزل البئر فسقط، وخرج بطرحها ما لو وقعت بنفسها بريح أو نحوه فلا ضمان. قال شيخنا في شرح الروض: إلا أن قصر في رفعها بعد ذلك، ويظهر لي أن هذا بحث، والأوجه عدم الضمان أيضا كما لو مال جداره وسقط وأمكنه رفعه فإنه لا يضمن، ولو طرحها في ملكه أو موات أو ألقى القمامة في سباطة مباحة فلا ضمان.
فروع: يضمن برش الماء في الطريق لمصلحة نفسه ما تلف به، لا برشه لمصلحة المسلمين كدفع الغبار عن المارة وذلك كحفر البئر للمصلحة العامة، هذا إن لم يجاوز العادة وإلا فيضمن كبل الطين في الطريق ولتقصيره. نعم إن مشى على موضع الرش قصدا فلا ضمان كما في الروضة، وما ذكر من أنه إذا لم يجاوز العادة فلا ضمان عليه قضيته ولو لم يأذن له الإمام. قال الزركشي: لكن الذي صرح به الأصحاب وجوب الضمان إذا لم يأذن الإمام. وقال المتولي: إنه الصحيح لأنه ليس إليه مراعاة المصالح، ولان معظم غرضه مصلحة نفسه، وهو أن لا يتأذى بالغبار، وبهذا فارق ما لو حفر بئرا للمصلحة العامة فإنه لا ضمان عليه كما مر، ولو قرص أو ضرب رجلا حاملا لشئ فتحرك وسقط ما هو حامله فكإكراهه على إلقائه فيضمن كل منهما، ولو تغذى بإسناد خشبة إلى جدار غيره فسقط على شئ فأتلفه ضمن الجدار وما تلف به وإن تأخر السقوط عن الاسناد، بخلاف ما لو فتح قفصا عن طائر فطار حيث يفرق فيه بين طيرانه في الحال وطيرانه بعد مدة كما مر في باب الغصب لأن الطائر مختار، والجماد لا اختيار له، وإن سندها إلى جداره أو جدار غيره بلا تعد فسقط أو مال ثم سقط بعد حين ضمن ما أتلفه كما لو أسقط جدارا على مال غيره، بخلاف ما لو وقع ذلك بعد حين فلا ضمان كما لو حفر بئرا في ملكه، ولو بنى دكة على باب داره في الطريق أو وضع متاعه في الطريق لا في طرف حانوته ضمن ما تعثر وتلف به لما مر، ولأنه بنى الدكة لمصلحة نفسه، وإنما يضمن ما تلف مما وضعه بطرف حانوته لكونه موضوعا فيما يختص به، ولو اغتسل شخص في الحمام وترك الصابون والسدر المزلقين بأرضه أو رمى فيها نخامة، فزلق بذلك إنسان فمات أو انكسر قال الرافعي: فإن ألقى النخامة على الممر ضمن، وإلا فلا، ويقاس بالنخامة ما ذكر معها، وهذا كما قال الزركشي ظاهر. وقال الغزالي في الاحياء: أنه إن كان بموضع لا يظهر بحيث يتعذر الاحتراز منه فالضمان متردد بين تاركه والحمامي، إذ على الحمامي تنظيف الحمام، والوجه إيجابه على تاركه في اليوم الأول، وعلى الحمامي في اليوم الثاني، إذ تنظيف الحمام كل يوم معتاد. وقال في فتاويه: إن نهى الحمامي عنه فالضمان على الواضع، وإن لم يأذن ولا نهى فالعادة جارية باستعماله، فإن جاوز العادة واستكثر منه ضمن وإلا فلا، لأن وظيفة تنقية الحمام على الحمامي في العادة لا على المغتسل ثم ما سبق حيث المهلك سبب واحد. ثم شرع فيما إذا تعدد، فقال: (ولو تعاقب سببا هلاك) بحيث لو انفرد كل منهما كان مهلكا (فعلى الأول) منهما في التلف لا الوجود بحال الهلاك إذا ترجح بالقوة، وذلك (بأن حفر) شخص بئرا (ووضع آخر حجرا) مثلا على طرف البئر حال كون كل من الحفر والوضع (عدوانا) كما يشعر به كلامه، وهو أولى من جعل بعضهم العدوان حالا من الوضع فقط، وسواء كان الوضع قبل الحفر أم بعده كما اقتضاء التعبير بالواو. وقال في المطلب: أنه ظاهر نص المختصر (فعثر) بالبناء للمفعول (به) أي الحجر (ووقع
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548