العاثر) بغير قصد (بها) أي البئر فهلك (فعلى الواضع الضمان) لأن التعثر هو الذي ألجأه إلى الوقوع فيها المهلك له فوضع الحجر سبب أول للهلاك، وقد ترجح بما ذكر، وحفر البئر سبب ثان له، فلو ترجح الحفر بالقوة كأن حفر بئرا عدوانا فوضع آخر سكينا فيها ومات المتردي بالسكين فالضمان على الحافر، لأن الحفر أقوى السببين لأنه الملجئ له إلى السقوط على السكين، فإن لم يتعد الحافر كأن كان مالكا فلا ضمان عليهما. أما المالك: فظاهر، وأما الآخر: فلان السقوط في البئر هو الذي أفضى إلى السقوط على السكين، فكان الحافر كالمباشر والآخر كالمتسبب، بل هو غير معتد كما سيأتي، فإن استوى السببان كأن حفر شخص بئرا قريبة العمق فعمقها غيره فضمان من تردى فيها عليهما بالسوية، ولو تفاضلا في الحفر كأن حفر أحدهما ذراعا والآخر ذراعين كالجراحات، ولو طمت بئر حفرت عدوانا فنبشها آخر فالضمان عليه لانقطاع أثر الحفر الأول بالطم، سواء كان الطام الحافر أم غيره.
تنبيه: أطلق المصنف الواضع، ولا بد فيه أن يكون من أهل الضمان، فلو تعدى بحفر بئر ووضع حربي أو سبع الحجر فلا ضمان على أحد على الصحيح: وخرج بقولنا: بغير قصد ما لو رأى العاثر الحجر فلا ضمان كما في حفر البئر، ذكره الرافعي بعد هذا الموضع (فإن لم يتعد الواضع) للحجر كأن وضعه في ملكه (فالمنقول) كما عبر به في الروضة وأصلها (تضمين الحافر) لأنه المتعدي بخلاف الواضع. قال الرافعي: وينبغي أن يقال: لا يتعلق بالحافر والواضع ضمان كما لو حفر بئرا عدوانا ووضع السيل أو سبع حجرا فعثر به إنسان وسقط في البئر فهو هدر على الصحيح. قال:
ويدل عليه أن المتولي قال: لو حفر في ملكه بئرا ونصب غيره فيها حديدة فوقع رجل في البئر فجرحته الحديدة ومات فلا ضمان على واحد منهما، أما الحافر: فظاهر، وأما الآخر: فلان الوقوع في البئر هو الذي أفضى في الوقوع على الحديدة فكان حافر البئر كالمباشر والآخر كالمتسبب اه. وفرق البلقيني بين مسألتنا ومسألة السيل ونحوه بأن الوضع في مسألتنا فعل من يقبل الضمان فإذا سقط عنه لعدم تعديه فلا يسقط عن المتعدي بخلافه في مسألة السيل ونحوه، فإن فاعله ليس مهيئا للضمان أصلا فسقط الضمان بالكلية اه. وأما المستدل به فيحمل كما قال شيخنا على ما إذا كان الواقع في البئر متعديا بمروره أو كان الناصب غير متعد، فإن لم يتعد الحافر أيضا فلا ضمان على واحد منهما.
تنبيه: لما كان الحكم في المسألة مشكلا عبر هنا وفي الروضة تبعا للرافعي بالمنقول للتنبيه على ذلك، إلا أن قولهما: المنقول يقتضي أن لا نقل يخالف ذلك، وما نقلاه عن المتولي يخالفه، فينبغي أو يحمل قولهما: المنقول على المشهور.
فروع: لو كان بيد شخص سكين فألقى رجل رجلا عليها فهلك ضمن الملقي، لا صاحب السكين إلا أن يلقاه بها فيضمن، ولو وقع في بئر فأرسل رجل حبلا فشده العبد في وسطه وجره الرجل فسقط العبد فمات ضمنه كما قاله البغوي في فتاويه، ولو وقف اثنان على بئر فدفع أحدهما الآخر فلما هوى جذب معه الدافع فسقطا فماتا، قال الصيمري: فإن جذبه طمعا في التخلص وكانت الحالة توجب ذلك فهو مضمون، ولا ضمان عليه، وإن جذبه لا لذلك بل لاتلاف المجذوب ولا طريق لخلاص نفسه بمثل ذلك، فكل منهما ضامن للآخر لو تجارحا (ولو وضع) شخص (حجرا) في طريق عدوانا (وآخران حجرا) كذلك (فعثر بهما) آخر فمات (فالضمان) عليهم للعاثر (أثلاث) وإن تفاوت فعليهم نظرا إلى عدد رؤوس الجناة كما لو مات بجراحة ثلاثة واختلفت الجراحات (وقيل) الضمان (نصفان) على الأول نصف وعلى الآخر نصف نظرا إلى عدد الموضوع ورجحه البلقيني، إذ ليس هذا كالجراحات التي لها نكاية في الباطن بل هو إلى صورة الضربات أقرب بل أولى في الحكم.
تنبيه: كلام المصنف يفهم أنه لا فرق في حجر الآخرين بين أن يكون بجنب الأول أو لا، لكن المحرر والروضة وأصلها قيدوه بكونه بجنبه فيحتمل أن يكون لنفي الضمان عما لو لم يكن بجنبه، ويحتمل خلافه. والظاهر أنه قيد