مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩٥
ولا خلاف أنه لا يجب شئ في الاعتاق بغير عوض. ولو قال لرقيقه: وهبتك نفسك ونوى العتق عتق، أو التمليك فكذلك إن قبل فورا كما اقتضاه كلامهما في باب الكتابة. (ولو قال لحامل) أي لامته الحامل بمملوك له: (أعتقتك) وأطلق (أو أعتقتك دون حملك عتقا) أي عتقت وتبعها في العتق حملها، ولو انفصل بعضه حتى يأتي يومان، لأنه كالجزء منها وعتقه بالتبعية لا بالسراية، لأن السراية في الأشقاص لا في الاشخاص، ولقوة العتق لم يبطل في الأخيرة، بخلاف البيع فيها كما مر. وظاهر عبارته أنهما يعتقان معا لا مرتبا، والتعليل يقتضيه، لكن قول الزركشي فيما لو أعتقها في مرضه والثلث يفي بها دون الحمل فيحتمل أنها تعتق دونه، كما لو قال: أعتقت سالما ثم غانما وكان الأول ثلث ماله، إذ لا فرق بين أن يرتب هو العتق أن يرتبه الشرع على السبيل التبعية يقتضي الترتيب، وهو الظاهر.
تنبيه: شمل إطلاقه ما لو قال لها: أنت حرة بعد موتي وفيها في الرافعي في باب الوصية وجهان، أحدهما: لا يعتق الحمل لأن إعتاق الميت لا يسري، وأصحهما يعتق، لأنه كعضو منها. (ولو أعتقه) أي الحمل المملوك له، (عتق دونها) حكى ابن المنذر فيه الاجماع. وقيل: تعتق بعتقه كعكسه، ورد بأن العتق إنما وقع بعتق الام تبعا لها ولا يقع العتق عليها بعتقه، لأن الأصل لا يتبع الفرع، وإن أعتقهما عتقا بخلاف البيع في المسألتين كما مر في محله.
(تنبيه) محل صحة إعتاقه وحده إذا نفخ فيه الروح، فإن لم ينفخ فيه الروح كمضغة كأن قال: أعتقت مضغتك فهو لغو كما حكاه قبيل التدبير عن فتاوى القاضي وأقراه، ولا ينافي ذلك ما قالاه في باب الوصية تجوز الوصية بالحمل كما يجوز إعتاقه، ثم الشرطان أن ينفصل لوقت يعلم وجوده عند الوصية، وأن ينفصل حيا، لأن حكم المشبه لا يعطي حكم المشبه به من غير وجه، وأن الوصية لما كانت تصح بالمجهول وبالمعدوم وبالنجس توسعوا فيها فلم يشرطوا في الحمل نفخ الروح بخلاف العتق. ولو قال: مضغة هذه الأمة حرة، ففي فتاوى القاضي أنه إقرار بانعقاد الولد حرا وتصير الام به أم ولد، وقال المصنف: ينبغي أن لا تصير حتى يقر بوطئها لاحتمال أنه حر من وطئ أجنبية بشبهة. قال البلقيني: وهذا غير كاف وصوابه حتى يقر بوطئها، وبأن هذه المضغة منه. قال: وقوله مضغة أمتي لا يتعين للاقرار فقد تكون للانشاء كقوله: أعتقت مضغتها، أي فلم يصح كما مر. وما صوبه غير كاف أيضا، بل لا بد أن يقول: علقت به في ملكي أو نحوه أخذا مما ذكر في الاقرار. (ولو كانت) تلك الأمة الحامل (لرجل والحمل لآخر) كأن أوصى له به، (لم يعتق أحدهما بعتق الآخر) وإن كان المعتق موسرا، لأنه لا استتباع مع اختلاف المالكين.
فروع: لو قال لامته الحامل: إن ولدت ولدا فهو حر فولدت حيا عتق، وإن ولدت ميتا ثم حملت وولدت حيا لم يعتق. ولو قال ذلك لحائل فحملت ووضعت حيا عتق. ولو قال لها: إن ولدت أولا ذكرا فهو حر وإن ولدت أولا أنثى فأنت حرة فولدت ذكرا ثم أنثى عتق الذكر فقط، أو بالعكس عتقت الام والذكر، لأنه حال عتق الام كان جنينا فتبعها، وإن ولدتهما معا أو ذكرين أو أنثيين معا فلا عتق. ولو قال: من دخل الدار أولا من عبيدي فهو حر فدخلها واحد منهم عتق ولو لم يدخلها أحد بعده، ولو دخل اثنان ثم ثالث لم يعتق واحد منهم، إذ لا يوصف واحد منهم بأنه أول.
وأجيب عما ذكر في المسابقة أن الأول يطلق على المتعدد بأنه لا محذور من الاطلاق ثم، إذ لا يلزم المخرج زيادة على المشروط بخلافه هنا إذ لا يلزم عليه زيادة عتق لم يلتزمها، فإن كان قال في هذه أول من يدخل وحده حر عتق الثالث، ولو قال آخر من يدخلها من عبيدي حر فدخل بعضهم بعد بعض لم يعتق أحد منهم إلى أن يموت السيد فيتبين الآخر. (وإذا كان بينهما) أي الشريكين سواء كانا مسلمين أم كافرين أم مختلفين (عبد فأعتق أحدهما كله أو نصيبه) أو بعضه بنفسه أو وكيله، (عتق نصيبه) ولو كان معسرا، (فإن كان معسرا) عند الاعتاق (بقي الباقي) من العبد (لشريكه) ولا يسري لمفهوم الحديث الآتي، (وإلا) بأن لم يكن معسرا (سرى) العتق عليه (إليه) أي نصيب شريكه.
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548