الأنصار أعتق ستة أعبد مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين ورق أربعة والظاهر تساوي الا ثلاث في القيمة، لأن عبيد الحجاز غالبا لا تختلف قيمتهم.
تنبيه: شمل إطلاقه ما لو مات أحدهم قبل موت السيد حتى يدخل الميت في القرعة، وهو المذهب، فإن خرجت القرعة له رق الآخران وبان أنه مات حرا فيورث. وظاهر كلامه تعين القرعة وهو كذلك، فلو اتفقوا على أنه إن طار غراب ففلان حر أو من وضع صبي يده عليه فهو حر لم يكف. (وكذا لو قال: أعتقت ثلثكم، أو) قال: (ثلثكم حر) فيعتق واحد منهم بقرعة. وإنما لم يعتق ثلث كل منهم في هاتين، لأن عتق بعض الرقبة كإعتاق كله. (ولو قال:
أعتقت ثلث كل عبد) منكم (أقرع) بينهم أيضا في الأصح، وبعتق واحد بقرعة كما مر. (وقيل: يعتق من كل ثلثه) ولا إقراع لتصريحه بالتبعيض، وهذا هو القياس، لكن تشوف الشارع إلى تكميل العتق يوجب اتباع الخبر في إيقاع القرعة.
تنبيه: هذا كله إذا لم يضفه إلى الموت، فإن قال: ثلث كل واحد منكم حر بعد موتي عتق من كل واحد ثلثه ولا يقرع على الصحيح، لأن العتق بعد الموت لا يسري. وفهم من أمثلة التصوير بما إذا أعتق الابعاض معا فخرج ما إذا رتبها فيقدم الأسبق، حتى لو كان له عبدان فقط فقال نصف غانم حر وثلث سالم حر عتق ثلثا غانم ولا قرعة ذكراه في باب الوصية. ثم شرع في بيان كيفية القرعة والتجزئة المترتبة عليها فقال: (والقرعة أن يؤخذ ثلاث رقاع متساوية) إذا كان العبيد ثلاثة كما هو فرض في المسألة (يكتب في ثنتين) منها (رق وفي واحدة عتق) لأن الرق ضعف الحرية، فتكون الرقاع على نسبة المطلوب في الكثرة والقلة، (وتدرج في بنادق) من نحو شمع (كما سبق) في باب القسمة، (وتخرج واحدة باسم أحدهم، فإن خرج) له (العتق عتق ورق الآخران) بفتح الخاء المعجمة، (أو الرق) لواحد (رق وأخرجت) رقعة (أخرى باسم آخر) فإن خرج له العتق ورق الثالث، وإن خرج له الرق رق وعتق الثالث لأن فائدة القرعة ذلك. ثم ذكر المصنف طريقا آخر للقرعة وعبر فيها بالجواز، فقال: (ويجوز أن يكتب أسماءهم) في الرقاع (ثم تخرج رقعة على الحرية فمن خرج اسمه عتق ورقا) أي الباقيان.
تنبيه: ظاهر كلامه أن الطريق الأولى أولى لتعبيره في الثانية بالجواز، لكن صوب القاضي والإمام وغيرهما هذه الكيفية لأن الاخراج فيها يمكن مرة واحدة بخلاف الأولى فإنه قد يحوج إلى إعادته كما مر. ومقتضى كلامه أنه لا يجوز الاقتصار في الصورة الأولى على رقعتين في إحداهما عتق وفي الأخرى رق، وفيه وجهان بلا ترجيح في الروضة. قال الإمام: والأوجه أنه احتياط. وقال البلقيني: إنه الأصح، إذ ليس فيه إلا أنا إذا أخرجنا رقعة على عبد فخرج فيها رق يحتاج إلى إدراجها في بندقها مرة أخرى فيكون ثلاث أرجح من رقعتين إلا أنه ممنوع اه. وقد مرت الإشارة إلى ذلك في باب القسمة. (وإن) اختلفت قيمتهم، كأن (كانوا ثلاثة قيمة واحد) منهم (مائة، وآخر مائتان، وآخر ثلاثمائة أقرع) بينهم (بسهمي رق وسهم عتق) بأن يكتب في رقعتين رق، وفي أخرى عتق، وتدرج في بنادق إلى آخر ما مر. (فإن خرج العتق لذي المائتين عتق ورقا) أي الباقيان لأنه به يتم الثلث، (أو للثالث عتق