والمراد بغير المعسر أن يكون موسرا بقيمة حصة شريكه فاضلا ذلك عن قوته وقوت من تلزمه نفقته في يومه وليلته ودست ثوب يلبسه وسكنى يوم على ما سبق في الفلس، ويصرف إلى ذلك كل ما يباع، ويصرف في الديون. (أو) سرى (إلى ما أيسر به) من نصيب شريكه، والأصل في ذلك خبر الصحيحين: من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبل ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة العدل وأعطى شركاءه حصصهم وأعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق عليه منه ما عتق. وفي رواية: إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله وأما رواية: فإن لم يكن له مال قوم العبد عليه قيمة عدل، ثم يستسعى لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه فمدرجة في الخبر كما قاله الحفاظ، أو محمولة على أنه يستسعى لشريك المعتق، أي يخدمه بقدر نصيبه لئلا يظن أنه يحرم عليه استخدامه.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو كان نصيب الشريك مستولدا بأن استولدها وهو معسر، فلا سراية في الأصح، لأن السراية تتضمن من النقل. ويجرى الخلاف فيما لو استولدها أحدهما وهو معسر، ثم استولدها الآخر، ثم أعتقها أحدهما. ولو كانت حصة الذي لم يعتق موقوفة لم يسر العتق قولا واحدا، قاله في الكفاية، وبه شمل إطلاقه ما لو كان العيد بين ثلاثة فأعتق اثنان منهم نصيبهما معا وأحدهما معسر والآخر موسر، فإنه يقوم جميع نصيب الذي لم يعتق على هذا الموسر كما جزما به والمريض معسر إلا في ثلث ماله كما سيأتي، فإذا أعتق نصيبه من عبد مشترك في مرض موته، فإن خرج جميع العبد من ثلث ماله قوم عليه نصيب شريكه وعتق جميعه، وإن لم يخرج إلا نصيبه عتق بلا سراية.
(وعليه) أي الموسر على كل الأقوال الآتية (قيمة ذلك) القدر الذي أيسر به (يوم) أي وقت (الاعتاق) لأنه وقت الاتلاف أو وقت سببه، كالجناية على العبد إذا سرت لنفسه تعتبر وقت الجناية.
تنبيه: للشريك مطالبة المعتق بدفع القيمة وإجباره عليها، فلو مات أخذت من تركته، فإن لم يطالبه الشريك فللعبد المطالبة، فإن لم يطالب طالبه القاضي، وإن اختلفا في قدر قيمته، فإن كان العبد حاضرا قريب العهد بالعتق ورجع أهل التقويم أو مات أو غاب أو طال العهد صدق المعتق لأنه غارم. (وتقع السراية) المذكورة (بنفس الاعتاق) فتنتقل الحصة إلى ملك المعتق ثم تقع السراية به، ولو حذف المصنف لفظ نفس كما حذفها بعد في قوله: إن قلنا السراية بالاعتاق كان أولى.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو كاتبه الشريكان ثم أعتق أحدهما نصيبه فإنا نحكم بالسراية بعد العجز عن أداء نصيب الشريك فإن في التعجيل ضررا على السيد بفوات الولاء. (وفي قول) قديم تقع السراية (بأداء القيمة) أو الاعتياض عنها، لأن في إزالة ملك الشريك قبل أن يحصل العوض إضرارا به، فإنه قد يفوت لهرب أو غيره، والضرر لا يزال بالضرر، فلا يكفي الابراء كما قاله الماوردي. (و) في (قول) السراية موقوفة (إن دفعها) أي القيمة (بان أنها) أي السراية (بالاعتاق) لأن حكم بالعتق يضر السيد، والتأخير إلى أداء القيمة يضر بالعبد والتوقف أقرب إلى العدل ورعاية الجانبين، ولا تخص السراية بالاعتاق. (و) حينئذ (استيلاد أحد الشريكين الموسر) الأمة المشتركة بينهما (يسري) إلى نصيب شريكه كالعتق بل أولى منه بالنفوذ، لأنه فعل وهو أقوى من القول، ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه دون عتقهما، وإيلاد المرض من رأس المال وإعتاقه من الثلث. وخرج بالموسر المعسر، فلا يسر استيلاده كالعتق. نعم إن كان الشريك المستولد أصلا لشريكه سرى كما لو استولد الجارية التي كلها له. (وعليه قيمة نصيب شريكه) للاتلاف بإزالة ملكه. (و) عليه أيضا (حصته من مهر مثل) للاستمتاع بملك غيره، ويجب مع ذلك أرش البكارة لو كانت بكرا، وهل يفرد أو يدخل في المهر؟ خلاف اضطراب الترجيح في نظائره، والظاهر كما رجحه بعض المتأخرين عدم الدخول. وهذا إن تأخر الانزال عن تغييب الحشفة كما هو الغالب وإلا فلا