الحديث: فك الرقبة أن تعين في ثمنها.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: وما اشتق من التحرير والاعتاق والفك، فإنه لو قال: أنت تحرير أو إعتاق أو فك كان كناية، كقوله لزوجته: أنت طالق.
فروع: لو كان اسم أمته قبل إرقاقها حرة فسميت بغيره فقال لها: يا حرة عتقت إن لم يقصد النداء لها باسمها القديم، فإن كان اسمها في الحال حرة لم تعتق إلا إن قصد العتق. وإن أقر بحريته خوفا من أخذ المكس عنه إذا طالبه المكاس به وقصد الاخبار لم يعتق باطنا، وقول الأسنوي: ولا ظاهرا كما لو قال لها أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد طلاقها من الوثاق مردود، فإن ذلك إنما هو قرينة على أنه إخبار ليس بإنشاء، ولا يستقيم كلامه معه إلا إذا كان على ظاهره. ونظير مسألة الوثاق كما قال شيخنا أن يقال له: أمتك قحبة، فيقول: بل هي حرة فهو قرينة على إرادة الصفة لا العتق. ولو قال لامرأة زاحمته: تأخري يا حرة فبانت أمته لم تعتق، وإنما أعتق الشافعي رضي الله تعالى عنه أمته بذلك تورعا. ولو قال لعبده: افرغ من عملك وأنت حر، وقال: أردت حرا من العمل لم يقبل ظاهرا ويدين. ولو قال: الله أعتق عتق أو أعتقك الله فكذلك كما هو مقتضى كلامهما، ورأي البوشنجي أنه كناية لاحتمال الانشاء والدعاء. ولو قال: أنت حر مثل هذا العبد وأشار إلى عبد آخر له لم يعتق ذلك العبد كما بحثه المصنف، لأن وصفه بالعبد يمنع عتقه ويعتق المخاطب، فإن قال: مثل هذا ولم يقل: العبد عتقا كما صوبه المصنف، وإن قال الأسنوي إنما يعتق الأول فقط. ولو قال لرجل: أنت تعلم أن عبدي حر عتق بإقراره وإن لم يكن المخاطب عالما بحريته، لا إن قال له: أنت تظن أو ترى. ولو قال السيد لضارب عبده: عبد غيرك حر مثلك لم يحكم بعتقه لأنه لم يعينه. (ولا يحتاج) الصريح (إلى نية) لايقاعه كسائر الصرانح لأنه لا يفهم منه غيره عند الاطلاق، فلم يحتج لتقويته بالنية، ولان هزله جد كما مر فيقع العتق، وإن لم يقصد إيقاعه. أما قصد لفظ الصريح لمعناه، فلا بد منه ليخرج أعجمي تلفظ بالعتق ولم يعرف معناه. وما ذكره المصنف من عدم احتياج الصريح لنية معلوم من حكم الصريح، وإنما صرح به تمهيدا لقوله:
(ويحتاج إليهما) أي النية (كنايته) بهاء الضمير أي العتق، وإن احتفت بها قرينة لاحتمالها غير العتق، فلا بد من نية التمييز كالامساك في الصوم. (وهي) أي الكناية: (لا ملك لي عليك، لا سلطان) لي عليك، وكذا في بقية الأمثلة، وهي:
(لا سبيل، لا خدمة) لا يد لا أسر ونحوها، (أنت) بفتح التاء بخطه (سائبة، أنت مولاي) ونحو ذلك كأزلت ملكي أو حكمي عنك، لاشعار ما ذكر بإزالة الملك مع احتمال غيره.
تنبيه: وقال لعبده يا سيدي هل هو كناية أو لا؟ وجهان، رجح الإمام أنه كناية، وجرى عليه ابن المقري، وهو الظاهر، ورجح القاضي والغزالي أنه لغو، لأنه من السؤدد وتدبير المنزل، وليس فيه ما يقتضي العتق. وجرى عليه الزركشي وعلله بأنه إخبار بغير الواقع أو خطاب بلفظ ولا إشعار له بالعتق. ولو قال المصنف: هي كقوله كما فعل في الروضة كان أولى لئلا يوهم الحصر. قال القاضي الحسين: وضابط الكناية هنا كل لفظ يتضمن زوال الملك أو ينبئ عن الفرقة كالأمثلة المتقدمة. (وكذا كل صريح أو كناية للطلاق) لاشعارها بإزالة قيد الملك. ويستثنى من ذلك ما لو قال لرقيقه: أنا منك طالق أو بائن ونحو ذلك ونوى إعتاقه عبدا كان أو أمة لم يعتق بخلاف نظيره من الطلاق، والفرق أن الزوجية تشمل الزوجين، والرق خاص بالعبد. ويستثنى أيضا ما لو قال لعبده: اعتد أو استبرئ رحمك ونوى العتق فإنه لا يعتق كما في أصل الروضة في الطلاق، ولو قال لامته فوجهان، أصحهما العتق.
تنبيه: قوله: للطلاق يخرج صرائح وكنايات غيره، لكن الظاهر صرائحه وكناياته كناية في العتق وليس صريحا ولا كناية في الطلاق. ولو قال لعبده: يا خواجا لم يعتق، قاله المروزي. وفي الاحياء أن الزهري قال: من قال لعبده جزاء الله عتق عليه اه. ولعل هذا مذهب الزهري. وفي الكشاف في سورة يس: إذا قال الرجل كل مملوك لي