بينة بملكه فترجح باليد السابقة كما مر، وهذه المسألة من صور قوله قبل: ولو أزيلت يده الخ، فلو ذكرها عقبها كان أولى. والثاني: يشترط كالاقرار. وأجاب الأول بأن المقر يؤاخذ بقوله في حق نفسه في المستقبل بخلاف البينة فإنها لم تشهد إلا على التلقي في الحال فلم يتسلط أثرها على الاستقبال.
تنبيه: محل الأول كما قال البلقيني إذا شهدت البينة بالملك وأطلقت، أما لو أضافت إلى سبب لا يتعلق بالمأخوذ منه كبيع أو هبة مقبوضة صدرت منه، فهو كالاقرار. (والمذهب أن زيادة عدد شهود أحدهما) أي المدعيين، وزيادة وصفهم من ورع أو غيره، (لا ترجح) بينته، بل يتعارضان لكمال الحجة من الطرفين، وفي قول من طريق ترجيح كالرواية. وفرق الأول بأن للشهادة نصابا فيتبع، ولا ضبط في الرواية فيعمل بأرجح الظنين. (وكذا لو كان لأحدهما) أي المدعيين بينة هي (رجلان وللآخر) بينة هي (رجل وامرأتان) لا يرجح الرجلان على المذهب لقيام الحجة بكل منهما، وفي قول من طريق: يرجحان لزيادة الوثوق بقولهما، ولذلك ثبت بهما ما لا يثبت برجل وامرأتين. (فإن كان للآخر شاهد ويمين رجح الشاهدان في الأظهر) لأنهما حجة بإجماع، وفي الشاهد واليمين خلاف. والثاني: يتعادلان، لأن كل واحد منهما حجة في المال عند الانفراد.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن لصاحب الشاهد واليمين يد، فإن كان قدم صاحب الشاهد واليمين على الأصح للاعتضاد باليد المحسوسة، ويجري الخلاف في ترجيح الشاهد والمرأتين على الشاهد واليمين كما قاله الدارمي. (ولو شهدت) بينة (لأحدهما بملك) في عين (من سنة) إلى الآن، (و) بينة (للآخر) بملك (من أكثر) من سنة إلى الآن كسنتين، (فالأظهر) وعبر في الروضة بالمذهب، (ترجيح الأكثر) لأنها تثبت الملك في وقت لا تعارضها فيه الأخرى وفي وقت تعارضها فيه الأخرى فيتساقطان في محل التعارض، ويثبت موجبها فيما قبل محل التعارض، والأصل في الثابت دوامه. والثاني: لا ترجيح به، لأن مناط الشهادة الملك في الحال وقد استويا فيه.
تنبيه: صورة المسألة أن تكون العين في يدهما أو في يد ثالث، فإن كانت في يد متقدمة التاريخ رجح قطعا، أو في يد متأخرة التاريخ فسيأتي، وصورها ابن الرفعة بما إذا شهدا مع ذلك بالملك في الحال وهو مراد المصنف وغيره ممن أطلق المسألة، ولهذا قدرته في كلامه لما سيأتي أن الشهادة بالملك السابق لا تسمع فضلا عن أن ترجح. (و) على ترجيح بينة الأكثر يكون (لصاحبها الأجرة والزيادة الحادثة من يومئذ) أي يوم ملكه بالشهادة لأنهما نماء ملكه. ويستثنى من الأجرة ما لو كانت العين في يد البائع قبل القبض فلا أجرة عليه للمشترى على الأصح عند المصنف في البيع والصداق خلافا للبلقيني. ولو أطلقت إحداهما الملك وبينت الأخرى سببه أو أن الثمرة من شجرة أو الحنطة من بذره قدمت على المطلقة لزيادة علمها ولاثباتها ابتداء الملك لصاحبها، ومحل ذلك كما قال شيخنا إذا لم يكن أحدهما صاحب يد وإلا فتقدم بينته كما يؤخذ مما مر. (ولو أطلقت بينة) شهادتها عن تاريخ (وأرخت) أي قيدت (أخرى) شهادتها بتاريخ، (فالمذهب أنهما سواء) فيتعارضان، لأن المطلقة كالعامة بالنسبة إلى الأزمان ولو فسرناها ربما أرخت بأكثر مما أرخت به المؤرخة. وقيل كما في أصل الروضة: تقدم المؤرخة، لأنها تقتضي الملك في الحال بخلاف المطلقة. قال الأول: لكنها لا تنفيه، وفي الشرح حكاية طريقتين طارد للقولين من المسألة السابقة، وقاطع بالتسوية، وكيف فرض فالظاهر التسوية اه. وعلى المذهب يستثنى ما لو شهدت إحداهما بالحق والأخرى بالابراء وأطلقت إحداهما وأرخت الأخرى قدمت بينة الابراء كما قاله شريح في روضه، لأن البراءة إنما تكون بعد الوجوب. (و) المذهب كما يشعر