بخلاف خط الأب اه. وظاهر كلام المصنف انحصار ذلك في خطه وخط أبيه، وليس مرادا، ولهذا زدت مثلا في كلامه، إذ نكول خصمه مما يحصل به الظن المؤكد كما جزم به في الروضة وأصلها، وإن نازع فيه البلقيني، فلو قال : كاعتماد خطه إلخ كان أولى. (وتعتبر) في الحلف (نية القاضي المستحلف) للخصم، سواء أكان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا، لحديث: اليمين على نية المستحلف رواه مسلم، وحمل على الحاكم لأنه الذي له ولاية الاستحلاف، والمعنى فيه أنه لو اعتبرت نية الحالف لبطلت فائدة الايمان وضاعت الحقوق، إذ كل أحد يحلف على ما يقصد، فإذا ادعى حنفي على شافعي شفعة الجوار والقاضي يعتقد إثباتها فليس للمدعى عليه أن يحلف على عدم استحقاقها عليه عملا باعتقاده، بل عليه اتباع القاضي.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: من له ولاية التحليف بدل القاضي ليشمل الإمام الأعظم والمحكم أو غيرهما ممن يصح أداء الشهادة عنده. قال البلقيني: محل ما ذكر إذ لم يكن الحالف محقا لما نواه، وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضي اه. ومراده بالمحق على ما يعتقده القاضي، فلا ينافيه ما مر فيما لو كان القاضي حنفيا فحكم على شافعي بشفعة الجوار من أنه ينفذ حكمه، وأنه إن استحلف فحلف لا يستحق علي شيئا أثم. أما إذا حلفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف أو حلفه من له ذلك بغير طلبه فالعبرة بنية الحالف، وكذا لو حلف هو بنفسه ابتداء كما قاله في زيادة الروضة. (فلو ورى) الحالف في يمينه بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف من له ولاية التحليف، كقوله: لا يستحق علي درهما ولا دينارا ولا أقل من ذلك ولا أكثر، فدرهم قبيلة ودينار رجل معروف، وماله قبلي ثوب ولا شفعة ولا قميص، فالثوب الرجوع والشفعة العبد والقميص غشاء القلب، (أو تأول) بأن اعتقد الحالف (خلافها) أي خلاف نية القاضي، كحنفي حلف شافعيا على شفعة الجوار فحلف أنه لا يستحقها عليه، (أو استثنى) الحالف كقوله عقب يمينه: إن شاء الله، أو وصل باللفظ شرطا ك إن دخلت الدار (بحيث لا يسمع القاضي) ذلك، (لم يدفع) ما ذكر (إثم اليمين الفاجرة) لأن اليمين شرعت ليهاب الخصم الاقدام عليها خوفا من الله تعالى، فلو صح تأويله لبطلت هذه الفائدة، فإن كل شئ قابل للتأويل في اللغة. فإن قيل: كيف تصوير الاستثناء هنا فإنه لا يصح في الماضي، إذ لا يقال: والله ما أتلفت أو مالك على شئ إن شاء الله؟ أجيب بأن المراد توجيه الاستثناء إلى عقد اليمين، فيكون المعنى: تنعقد يميني إن شاء الله تعالى.
أما إذا وجه إلى نفس الفعل فإنه لا يصح، لأن الاستثناء إنما يكون في المستقبل كالشرط.
تنبيه: محل كون ما ذكر لا يدفع إثم اليمين مقيد بأمرين، أحدهما: أن يكون الحلف بالله تعالى، فإن حلفه القاضي بالطلاق أو العتاق فحلف وورى نفعته التورية وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق، لأنه ليس له التحليف بهما كما قاله المصنف في شرح مسلم، وقال في المهمات: فإن كان القاضي يرى التحليف بالطلاق كالحنفي فحلفه به نفعته التورية، كذا ذكره النووي في الأذكار في باب التورية اه. ونوزع بأنه ليس في كلام النووي تصويرها بأن يرى القاضي ذلك، بل ظاهر كلامه يقتضي أن محله فيمن لا يراه، لأنه قال: لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق فهو كغيره من الناس اه. فعلم أن من يراه لا تنفع التورية عنده. الأمر الثاني: أن لا يكون ظالما في نفس الامر، فقد ذكر في الوديعة أن الظالم إذا طلب منه الوديعة فينكر، فإن اكتفى باليمين فليحلف ولا إثم عليه ولو قدر على التورية كما هو مقتضى كلامهم، ومثله لو ادعى على المعسر فقال: لا يستحق علي ونوى بالاستحقاق التسليم الآن صح تأويله ولا يؤاخذ بيمينه لانتفاء المفسدة السابقة، بل خصمه ظالم بمطالبته إن علم ومخطئ إن جهل. واحترز المصنع بقوله: بحيث لا يسمع عما إذا سمع فإنه يعزره ويعيد اليمين، وإن وصل بها كلاما لم يفهمه القاضي منعه وأعاد اليمين، فإن قال: كنت أذكر الله تعالى، قيل له: ليس هذا وقته. ولما انقضى الكلام على الحلف وكيفيته شرع في ضابط الحلف