أنه يشهد به. (وإن كان نفيا) مطلقا (فعلى) أي يحلف على (نفي العلم) أي أنه لا يعلم فيقول: والله ما علمت أنه فعل كذا، لأن النفي المطلق يعسر الوقوف عليه ولا يتعين فيه ذلك، فلو حلف على البت اعتد به كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره، لأنه قد يعلم ذلك.
تنبيه: محل ما ذكر في النفي المطلق، أما النفي المحصور فكالاثبات في إمكان الإحاطة به كما في آخر الدعاوى من الروضة فيحلف فيه على البت. قال الزركشي: وظاهر كلام المصنف حصر اليمين في فعله وفعل غيره، وقد يكون اليمين على تحقيق موجود لا إلى فعل ينسب إليه ولا إلى غيره مثل أن يقول لزوجته: إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق فطار ولم يعرف فادعت أنه غراب وأنكر، وقد قال الإمام إنه يحلف على البت اه. قال الشيخان تبعا للبندنيجي وغيره: والضابط أن يقال: كل يمين فهي على البت إلا على نفي فعل الغير. وأورد على الضابط المودع إذا ادعى تلف الوديعة فلم يحلف، فإن المذهب كما قاله الإمام أن المودع يحلف على نفي العلم. وقال البلقيني في حواشي الروضة: الاختصار المعتبر أن يقال: يحلف على البت في كل يمين إلا فيما يتعلق بالوارث فيما ينفيه، وكذلك العاقلة بناء على أن الوجوب يلاقي القاتل ابتداء. (ولو ادعى) على شخص (دينا لمورثه فقال) المدعى عليه: (أبرأني) مورثك منه وأنت تعلم ذلك، (حلف) المدعي (على نفي العلم بالبراءة) مما ادعاه، لأنه حلف على نفي فعل غيره.
تنبيه: لا بد أن يقول مع قوله: أبرأني منه: وأنت تعلم ذلك كما قدرته في كلامه. قالا: وكل ما يحلف المنكر فيه على نفي العلم يشترط في الدعوى عليه التعرض للعلم. قال البلقيني: ومحله إذا علم المدعي أن المدعى عليه يعلم ذلك فإن لم يعلم لم يسعه أن يقول وهو يعلم ذلك، ومثل دعوى البراءة دعوى الاستيفاء أو الحوالة أو الاعتياض. ثم أشار لاستثناء مسألتين من أن الحلف على فعل الغير يكون على النفي بقوله: (ولو قال) في الدعوى على سيد بما لا يقبل فيه إقرار العبد عليه، كقوله: (جنى عبدك علي بما يوجب كذا) وأنكر، (فالأصح حلفه) أي السيد (على البت) لأن عبده ماله وفعله كفعله ولذلك سمعت الدعوى عليه. والثاني: على نفي العلم لتعلقه بفعل الغير.
تنبيه: محل الخلاف في العبد العاقل، فإن كان مجنونا حلف السيد على البت قطعا، لأن المجنون كالبهيمة.
قال البلقيني: ولو أمر عبده الذي لا يميز أو الأعجمي الذي يعتقد وجوب طاعة السيد في كل ما أمره به فالجاني هو السيد فيحلف قطعا. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (ولو قال جنت بهيمتك) على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها، (حلف على البت قطعا، والله أعلم) لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها، وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف.
تنبيه: ما أطلقه من حلف المالك ظاهر إذا كانت وحدها أو في يد مالكها، أما إذا كانت في يد غيره ممن يتوجه عليه الضمان بإتلافها كالمستأجر والمستعير والغاصب فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره أن الدعوى واليمين عليه دون مالك الرقبة ، ويحلف على البت أيضا، ففي فتاوى ابن الصلاح: لو كانت الدابة بيد أجير فالدعوى واليمين عليه ويحلف على القطع فإن فعلها منسوب إليه، ولا يشترط في الحلف على البت اليقين، (و) حينئذ (يجوز البت) في الحلف (بظن مؤكد يعتمد) فيه الحالف (خطه أو خط أبيه) مثلا إذا وثق بخطه وأمانته كما قيده في باب القضاء، وقد يفهم ذلك من لفظ الظن، ويقال: لا يحصل الظن إلا إذا كان بهذه الصفة.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف جواز الحلف اعتمادا على خط نفسه وإن لم يتذكر، ولكن الذي في الروضة وأصلها أنه لا يجوز الحلف حتى يتذكر، قال في التوشيح: وقد يقال لا يتصور الظن المؤكد في حق نفسه ما لم يتذكر