مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٦
الرؤية. الثانية: الغصب والاتلاف، لو جلس الأعمى على بساط لغيره فغصبه غاصب أو أتلفه فأمسكه الأعمى في تلك الحالة والبساط وتعلق حتى شهد بما عرفه جاز. الثالثة: الولادة، إذا وضعت العمياء يدها على قبل المرأة وخرج منها الولد وهي واضعة يده على رأسه إلى تكامل خروجه وتعلقت بهما حتى شهدت بولادتها مع غيرها قبلت شهادتها. (وتقبل) في الفعل (من أصم) لابصاره، ويجوز تعمد النظر لفرجي الزانيين لتحمل الشهادة كما مرت الإشارة إليه، لأنهما هتكا حرمة أنفسهما.
وسكت عن الأخرس، وسبق حكم شهادته عند ذكر شروط الشاهد. (والأقوال كعقد) وفسخ وطلاق وإقرار، (يشترط) في الشاهد بها (سمعها) فلا تقبل من أصم بها، (وإبصار قائلها) حال تلفظه بها حتى لو نطق بها من وراء حجاب وهو يتحققه لم يكف، وما حكاه الروياني عن الأصحاب من أنه لو جلس بباب بيت فيه اثنان فقط فسمع تعاقدهما بالبيع وغيره كفى من غير رؤية زيفه البندنيجي بأنه لا يعرف الموجب من القابل، قال الأذرعي: وقضية كلامه أنه لو عرف هذا من هذا أنه يصح التحمل، ويتصور ذلك بأن يعرف إن المبيع ملك أحدهما كما لو كان الشاهد يسكن بيتا ونحوه لأحدهما أو كان جاره فسمع أحدهما يقول بعني بيتك الذي يسكنه فلان الشاهد أو الذي في جواره أو علم أن القابل في زاوية والموجب في أخرى، أو كان كل واحد منهما في بيت بمفرده والشاهد جالس بين البيتين وغير ذلك. قال الحسباني:
ولو كان أحدهما في البيت وحده والآخر معه على بابه وهو عالم أنه ليس في البيت غيره جاز له الشهادة عليه بما سمعه من الاقرار وإن لم يشاهده حالة النطق. (ولا يقبل) شهادة (أعمى) فيما يتعلق بالبصر لجواز اشتباه الأصوات، وقد يحاكي الانسان صوت غيره، (إلا) صورة الضبط، وهي (أن يقر) شخص (في أذنه) بنحو طلاق أو عتق أو مال لشخص معروف الاسم والنسب، (فيتعلق) الأعمى (به) ويضبطه (حتى يشهد) عليه بما سمعه منه (عند قاض به) فيقبل (على الصحيح) لحصول العلم بأنه المشهود عليه. والثاني: المنع حسما للباب.
تنبيه: تقدم أنه يصح أن يكون الأعمى مترجما أو مسمعا. وسيأتي أنه يصح أن يشهد بما يثبت بالتسامع إن لم يحتج إلى تعيين. وإشارة بأن يكون الرجل مشهورا باسمه وصفته. وله أن يطأ زوجته اعتمادا على صوتها للضرورة، ولان الوطئ يجوز بالظن. ولا يجوز أن يشهد على زوجته اعتمادا على صوتها كغيرها خلافا لما بحثه الأذرعي من قبول شهادته عليها اعتمادا على ذلك. (ولو حملها) أي الشهادة في محتاج للبصر (بصير ثم عمي شهد إن كان المشهود له وعليه معروفي الاسم والنسب) لامكان الشهادة عليهما، فيقول: أشهد أن فلان ابن فلان أقر لفلان ابن فلان بكذا، بخلاف مجهولهما أو أحدهما أخذا من مفهوم الشرط. نعم لو عمي، أو يدهما ويد المشهود عليه في يده فشهد عليه في الأولى مطلقا مع تمييزه له من خصمه، وفي الثانية لمعروف الاسم والنسب، قبلت شهادته كما بحثه الزركشي في الأولى، وصرح به في أصل الروضة في الثانية. (ومن سمع قول شخص أو رأى فعله، فإن عرف عينه واسمه ونسبه شهد عليه في حضوره إشارة) لا باسمه ونسبه فقط كما لو لم يعرف بهما، (وعند غيبته وموته) ودفنه (باسمه ونسبه) لحصول التمييز بذلك.
(فإن جهلهما) أي اسمه ونسبه أو أحدهما، (لم يشهد عند موته) ودفنه (وغيبته) فإن مات ولم يدفن أحضر ليشاهد صورته ويشهد على عينه. وهذا كما قال الأذرعي إن كان بالبلد ولم يخش تغيره بإحضاره، وإلا فالوجه حضور الشاهد إليه، فإن دفن لم يحضر إذ لا يجوز نبشه. قال الغزالي: فإن اشتدت الحاجة إليه ولم تتغير صورته جاز نبشه اه‍. قال في أصل الروضة: وهذا احتمال ذكره الإمام، ثم قال: والأظهر أنه لا فرق. والمراد بالنسب اسم أبيه وجده، فإن عرف اسمه واسم أبيه دون جده شهد بذلك ولم تفد شهادته به إلا إن ذكر للقاضي أمارات يتحقق بها
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548