الرؤية. الثانية: الغصب والاتلاف، لو جلس الأعمى على بساط لغيره فغصبه غاصب أو أتلفه فأمسكه الأعمى في تلك الحالة والبساط وتعلق حتى شهد بما عرفه جاز. الثالثة: الولادة، إذا وضعت العمياء يدها على قبل المرأة وخرج منها الولد وهي واضعة يده على رأسه إلى تكامل خروجه وتعلقت بهما حتى شهدت بولادتها مع غيرها قبلت شهادتها. (وتقبل) في الفعل (من أصم) لابصاره، ويجوز تعمد النظر لفرجي الزانيين لتحمل الشهادة كما مرت الإشارة إليه، لأنهما هتكا حرمة أنفسهما.
وسكت عن الأخرس، وسبق حكم شهادته عند ذكر شروط الشاهد. (والأقوال كعقد) وفسخ وطلاق وإقرار، (يشترط) في الشاهد بها (سمعها) فلا تقبل من أصم بها، (وإبصار قائلها) حال تلفظه بها حتى لو نطق بها من وراء حجاب وهو يتحققه لم يكف، وما حكاه الروياني عن الأصحاب من أنه لو جلس بباب بيت فيه اثنان فقط فسمع تعاقدهما بالبيع وغيره كفى من غير رؤية زيفه البندنيجي بأنه لا يعرف الموجب من القابل، قال الأذرعي: وقضية كلامه أنه لو عرف هذا من هذا أنه يصح التحمل، ويتصور ذلك بأن يعرف إن المبيع ملك أحدهما كما لو كان الشاهد يسكن بيتا ونحوه لأحدهما أو كان جاره فسمع أحدهما يقول بعني بيتك الذي يسكنه فلان الشاهد أو الذي في جواره أو علم أن القابل في زاوية والموجب في أخرى، أو كان كل واحد منهما في بيت بمفرده والشاهد جالس بين البيتين وغير ذلك. قال الحسباني:
ولو كان أحدهما في البيت وحده والآخر معه على بابه وهو عالم أنه ليس في البيت غيره جاز له الشهادة عليه بما سمعه من الاقرار وإن لم يشاهده حالة النطق. (ولا يقبل) شهادة (أعمى) فيما يتعلق بالبصر لجواز اشتباه الأصوات، وقد يحاكي الانسان صوت غيره، (إلا) صورة الضبط، وهي (أن يقر) شخص (في أذنه) بنحو طلاق أو عتق أو مال لشخص معروف الاسم والنسب، (فيتعلق) الأعمى (به) ويضبطه (حتى يشهد) عليه بما سمعه منه (عند قاض به) فيقبل (على الصحيح) لحصول العلم بأنه المشهود عليه. والثاني: المنع حسما للباب.
تنبيه: تقدم أنه يصح أن يكون الأعمى مترجما أو مسمعا. وسيأتي أنه يصح أن يشهد بما يثبت بالتسامع إن لم يحتج إلى تعيين. وإشارة بأن يكون الرجل مشهورا باسمه وصفته. وله أن يطأ زوجته اعتمادا على صوتها للضرورة، ولان الوطئ يجوز بالظن. ولا يجوز أن يشهد على زوجته اعتمادا على صوتها كغيرها خلافا لما بحثه الأذرعي من قبول شهادته عليها اعتمادا على ذلك. (ولو حملها) أي الشهادة في محتاج للبصر (بصير ثم عمي شهد إن كان المشهود له وعليه معروفي الاسم والنسب) لامكان الشهادة عليهما، فيقول: أشهد أن فلان ابن فلان أقر لفلان ابن فلان بكذا، بخلاف مجهولهما أو أحدهما أخذا من مفهوم الشرط. نعم لو عمي، أو يدهما ويد المشهود عليه في يده فشهد عليه في الأولى مطلقا مع تمييزه له من خصمه، وفي الثانية لمعروف الاسم والنسب، قبلت شهادته كما بحثه الزركشي في الأولى، وصرح به في أصل الروضة في الثانية. (ومن سمع قول شخص أو رأى فعله، فإن عرف عينه واسمه ونسبه شهد عليه في حضوره إشارة) لا باسمه ونسبه فقط كما لو لم يعرف بهما، (وعند غيبته وموته) ودفنه (باسمه ونسبه) لحصول التمييز بذلك.
(فإن جهلهما) أي اسمه ونسبه أو أحدهما، (لم يشهد عند موته) ودفنه (وغيبته) فإن مات ولم يدفن أحضر ليشاهد صورته ويشهد على عينه. وهذا كما قال الأذرعي إن كان بالبلد ولم يخش تغيره بإحضاره، وإلا فالوجه حضور الشاهد إليه، فإن دفن لم يحضر إذ لا يجوز نبشه. قال الغزالي: فإن اشتدت الحاجة إليه ولم تتغير صورته جاز نبشه اه. قال في أصل الروضة: وهذا احتمال ذكره الإمام، ثم قال: والأظهر أنه لا فرق. والمراد بالنسب اسم أبيه وجده، فإن عرف اسمه واسم أبيه دون جده شهد بذلك ولم تفد شهادته به إلا إن ذكر للقاضي أمارات يتحقق بها