حاكيه لقولين: الأجرة موزعة (على) عدد (الرؤوس) لأن العمل في النصيب القليل كالعمل في الكثير. وهذه طريقة ذكرها المراوزة، وطريقة العراقيين الجزم بالأول، قال ابن الرفعة: وهي أصح باتفاق الأصحاب، وصححها في أصل الروضة، إذ قد يكون له سهم من ألف سهم، فلو ألزم نصف الأجرة لربما استوعب قيمة نصيبه، وهذا مدفوع بالمنقول.
واحترزنا بالمأخوذة عن الحصص الأصلية في قسمة التعديل، فإن الأجرة ليست على قدرها، بل على قدر المأخوذ قلة وكثرة، لأن العمل في الكثير أكثر منه في القليل. هذا إن كانت الإجارة صحيحة وإلا فالموزع أجرة المثل.
تنبيه: تجب الأجرة في مال الصبي وإن لم يكن له في القسمة غبطة، لأن الإجابة إليها واجبة والأجرة من المؤن التابعة لها. وعلى الولي طلب القسمة له حيث كان له فيها غبطة وإلا فلا يطلبها، وإن طلبها الشريك أجيب وإن لم يكن للصبي فيها غبطة، وكالصبي المجنون والمحجور عليه بسفه. ولو دعا الشركاء القاسم ولم يسموا له أجرة لم يستحق شيئا، كما لو دفع شخص ثوبه لقصار ولم يسم له أجرة أو الحاكم فله أجرة المثل. ولو استأجر جماعة كاتبا لكتابة صك كانت الأجرة على قدر حصصهم كما جزم به الرافعي آخر الشفعة. (ثم ما) أي المشترك الذي (عظم الضرر في قسمته كجوهرة وثوب نفيسين وزوجي) أي فردي (خف) ومصراعي باب، (إن طلب الشركاء كلهم قسمته لم يجبهم القاضي) إليها جزما، ويمنعهم منها إن بطلت منفعته بالكلية، لأنه سفه. ونازع البلقيني في زوجي خف وقال: لم أجد للرافعي شاهدا من نص الشافعي ولا سلفا في ذلك في الطريقين، فإنه قد ينتفع بفردة الخف كأن يكون أقطع الرجل، وبسط الكلام في ذلك. والأصحاب لا ينظرون إلى هذه الأشياء النادرة. (ولا يمنعهم إن قسموا بأنفسهم إن لم تبطل منفعته) أي المقسوم بالكلية، (كسيف يكسر) لامكان الانتفاع مما صار إليه منه على حاله، أو باتخاذه سكينا ونحو ذلك. ولا يجيبهم إلى ذلك على الأصح لما فيه من إضاعة المال. فإن قيل: هذا مشكل لأنه إن لم يكن حراما لم يمتنع على القاضي ذلك، وإن كان حراما فليس له التمكين منه. أجيب بأن إتلاف المال ممنوع منه ثم جوز لاحد الشريكين رخصة لسوء المشاركة. فإن قيل أيضا: هذا مخالف لما ذكروه في البيع من أنه لا يصح بيع نصف معين من إناء وسيف ونحوهما، وعللوه بأنه غير مقدور على تسليمه شرعا. أجيب بأن شرط بيع المعين أن لا يحصل هناك نقص بسبب تسليمه، وهو لو باعه نصفا شائعا من ذلك جاز، ثم لهم القسمة بعد ذلك لما مر، فلا منافاة بين البابين. (وما يبطل) بقسمته (نفعه المقصود) منه (كحمام وطاحونة صغيرين) طلب بعض الشركاء قسمة ما ذكر وامتنع بعضهم، (لايجاب طالب قسمته) جبرا (في الأصح) لما فيه من الضرر على الآخر، وفي الحديث لا ضرر ولا ضرار في الاسلام رواه مالك وغيره. والثاني: يجاب لأجل ضرر الشركة.
تنبيه: في لفظ صغيرين تغليب الأول المذكر، فإن لفظ الحمام مذكر على الثاني المؤنث، فإن الطاحونة وهي الرحى كما في الصحاح مؤنثة. (فإن أمكن جعله) أي ما ذكر (حمامين) أو طاحونتين، (أجيب) طالب قسمة ذلك وأجبر الممتنع، وإن احتيج إلى إحداث بئر أو مستوقد وتيسر لانتفاء الضرر مع تيسر تدارك ما احتيج إليه من ذلك بأمر قريب. قال الأذرعي: وإنما تيسر ذلك إذا كان ما يلي ذلك مملوكا له أو مواتا، فلو كان ما يليه وقفا أو شارعا أو ملكا لمن لا يسمح ببيع شئ منه فلا، وحينئذ يجزم بنفي الاجبار. ويعلم من هذا أن المراد بقوله المقصود أن ينتفع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبلها ولو بإحداث مرافق. فإن قيل: لو باع دارا لا ممر لها مع إمكان تحصيله ببيع أو إجارة لم يصح على الصحيح فهلا كانت القسمة كذلك أجيب بأن شرط المبيع أن يكون منتفعا به في الحال ولم