تنبيه: ظاهر كلامه كالروضة وأصلها أنه لا فرق بين أن يكون على مسافة قريبة أو بعيدة، وليس مرادا، بل محل ذلك إذا كان فوق مسافة العدوي لما مر أن الكتاب بسماع البينة لا يقبل في مسافة العدوي. (أو لا نائب) له هناك، (فالأصح يحضره من مسافة العدوي فقط) لكن بعد تحير الدعوى وصحة سماعها. (وهي التي يرجع منها مبكر) إلى موضعه (ليلا) سميت بذلك لأن القاضي يعدي لمن طلب خصما منها لاحضار خصمه، أي يقويه أو يعينه. والثاني: إن كان دون مسافة القصر أحضره وإلا فلا، لأن ما دون مسافة القصر حكم الحاضر في مسائل كثيرة.
والثالث: يحضره وإن بعدت المسافة، وهذا ما اقتضى كلام الروضة وأصلها ترجيحه وعليه العراقيون، ورجحه ابن المقري، لأن عمر رضي الله عنه استدعى المغيرة بن شعبة في قضية من البصرة إلى المدينة، ولئلا يتخذ السفر طريقا لابطال الحقوق، ومع هذا فالأوجه ما في المتن، وليس في قضية عمر رضي الله تعالى عنه أنه أحضره بغير اختياره، ولما في ذلك من المشقة في إحضاره، ويبعث القاضي إلى بلد المطلوب.
تنبيه: محل إحضاره إذا لم يكن هناك نائب وما لم يكن هناك من يتوسط ويصلح بينهما، فإن كان لم يحضره بل يكتب إليه أن يتوسط ويصلح بينهما. واشترط ابن الرفعة وابن يونس فيه أهلية القضاء، ولم يشترطه الشيخان.
وقال الشيخ عماد الدين الحسباني: يتجه أن يقال إن كانت القضية مما تنفصل بصلح فيكفي وجود متوسط مطاع يصلح بينهما، وإن كانت لا تنفصل بصلح فلا بد من صالح للقضاء في تلك الواقعة ليفوض إليه الفصل بينهما بصلح أو غيره اه. وهذا لا بأس به. وقول المصنف: ليلا يتناول أول الليل ووسطه وآخره. قال في المهمات: وليس كذلك بل الضابط أن يرجع قبل الليل، كذا ذكره الأصحاب، وكا هو في أصل الروضة في النكاح في سوالب الولاية اه.
ثم استثنى المصنف في المعنى من قولهم: لا تسمع البينة على حاضر قوله: (و) الأصح (أن المخدرة) الحاضرة (لا تحضر) للدعوى، بضم أوله وفتح ثالثه مضارع أحضر: أي لا تكلف الحضور للدعوى عليها صرفا للمشقة عنها كالمريض، لأنه (ص) قال: اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها فلم يطلبها لكونها مخدرة، ورجم الغامدية ظاهرا لكونها برزة. كذا استدل به، ونظر فيه. ولا تكلف أيضا الحضور للتحليف إن لم يكن في اليمين تغليظ بالمكان، فإن كان أحضرت على الأصح في الروضة في الباب الثالث من الدعاوى، بل توكل أو يبعث القاضي إليها نائبه فتجيب من وراء الستر إن اعترف الخصم أنها هي، أو شهد اثنان من محارمها أنها هي، وإلا تلفعت بنحو ملحفة وخرجت من الستر إلى مجلس الحكم، وعند الحلف تحلف في مكانها. (وهي) أي المخدرة (من لا يكثر خروجها لحاجات) متكررة كشراء خبز وأقط وبيع غزل ونحوها بأن لم تخرج أصلا إلا لضرورة أو لم تخرج إلا قليلا لحاجة كزيارة وحمام وعزاء.
والوجه الثاني: أنها تحضر كغيرها، وبه جزم القفال في فتاويه، وغير المخدرة وهي البرزة - بفتح الباء الموحدة - يحضرها القاضي، لكن يبعث إليها محرما لها أو نسوة ثقات لتخرج معهم بشرط أمن الطريق كما جرى عليه ابن المقري وصاحب الأنوار.
تنبيه: لو كانت بزرة ثم لزمت التخدر قال القاضي الحسين في فتاويه: حكمها حكم الفاسق يتوب، فلا بد من مضي سنة في قول، أو ستة أشهر في قول اه. وفرق الأذرعي بين المخدرة برفعة بعلها وغيرها، قال ابن شهبة:
وهو المتجه، قال: وليس للتخدير أصل في الشرع اه. ولو اختلفا في التخدير ففي فتاوى القاضي أن عليها البينة.
وقال الماوردي والروياني: إن كانت من قوم الأغلب من حال نسائهم التخدير صدقت بيمينها، وإلا صدق بيمينه، أي حيث لا بينة لهما، وهذا أولى.
خاتمة في مسائل منثورة مهمة: للقاضي أن يشهد في محل ولايته على كتاب حكم كتبه في غير محل ولايته، وليس له أن يشهد في غير محل ولايته على كتاب حكم كتبه في محل ولايته، والحكم كالاشهاد بخلاف الكتابة