يبق النائب اه. وهذا ظاهر. وبحث بعضهم أن الموت ليس بعزل، بل ينتهي به القضاء. (والأصح انعزال نائبه المطلق) بما ذكر، وهذا (إن لم يأذن له في الاستخلاف) لأن الاستخلاف في هذه للمعاونة، وقد زالت ولايته فبطلت المعاونة.
(أو) إن (قيل له) أي قال له الإمام: (استخلف عن نفسك، أو أطلق) له الاستخلاف لظهور غرض المعاونة وبطلانها ببطلان ولايته.
تنبيه: محل انعزاله عند الاطلاق إذا لم يعين من يستخلفه، فإن قال: استخلف فلانا فهو كقوله: استخلف عني فلا ينعزل، لأنه قطع نظر بالتعيين وجعله سفيرا، أشار إليه الماوردي والروياني كما ذكره الأذرعي وغيره (فإن قيل) أي قال الإمام له: (استخلف عني فلا) ينعزل الخليفة بما ذكر، لأنه نائب عن الإمام، والأول: سفير في التولية، والثاني: ينعزل مطلقا كالوكيل بموت الموكل، والثالث: لا مطلقا رعاية لمصلحة الناس.
تنبيه: مقتضى كلام الأصحاب انعزال نواب قاضي الإقليم الكبير بموته حيث لم يقل له الإمام استخلف عني، وهو كذلك، فقد قال الصيمري: نواب القاضي الكبير كقاضي خراسان ينعزلون بموته، وعزله على الصحيح بخلاف قضاة الإمام. قال: وجعل القاضي حسين قضاة والي الإقليم كقضاة الإمام، محله فيما إذا صرح الإمام له بذلك أو اقتضاه العرف، وحينئذ فيكون كالمنصوبين من جهة الإمام. (ولا ينعزل قاض) وغيره ممن ولي أمرا عاما كوكيل بيت المال، (بموت الإمام) وانعزاله لشدة الضرر في تعطيل الحوادث. وفرق في الحاوي بينه وبين خليفة القاضي بأن الإمام يستنيب القضاة في حقوق المسلمين فلم ينعزلوا بموته والقاضي يستنيب خليفته في حق نفسه فانعزل بموته. قال: وعلى هذا الفرق يجوز للقاضي أن ينعزل خليفته بغير موجب، ولا يجوز للإمام عزل القاضي بغير موجب اه. وتقدم الكلام على ذلك.
قال الأذرعي: وأفتى بعض العصريين بانعزال وكيل بيت المال بموت السلطان متمسكا بقولهم: إن الوكيل ينعزل بموت الموكل وهذا جمود على الأسماء وذهول عن المعنى، وليس بصواب بل غلط. (ولا) ينعزل (ناظر يتيم، و) ناظر (وقف بموت قاض) وانعزاله لئلا تتعطل أبواب المصالح.
تنبيه: لو شرط لواقف النظر لحاكم المسلمين ببلد كذا ففوض النظر فيه لواحد ثم تولى قاض جديد، قال الأذرعي: الظاهر انعزاله قطعا، لأنه آل إلى القاضي الجديد بشرط الواقف كما لو شرط النظر لزيد ثم لعمرو فنصب زيد لنفسه نائبا فيه ثم مات زيد فإنه ينعزل نائبه لا محالة ويصير النظر لعمرو فليحمل، إذ كلام المصنف على ما إذا آل النظر إلى القاضي لكون الواقف لم يشرط ناظرا، أو انقرض من شرط له، أو خرج عن الأهلية. قال ابن شهبة: ويقع في كتب الأوقاف كثيرا. فإذا انفرضت الذرية يكون النظر فيه لحاكم المسلمين ببلد كذا يوليه من شاء من نقبائه ونوابه، فإذا آل النظر إلى قاض فولى النظر لشخص فهل ينعزل بموت ذلك القاضي أو انعزاله. والأقرب عدم انعزاله. (ولا يقبل قوله) أي القاضي (بعد انعزاله): كنت (حكمت بكذا) لفلان إلا ببينة، لأنه لا يملك إنشاء الحكم حينئذ فلا يملك الاقرار. نعم لو انعزل بالعمى قبل منه ذلك لأنه إنما انعزل بالعمى فيما يحتاج إلى الابصار، وقوله: حكمت عليك بكذا لا يحتاج إلى ذلك، قاله البلقيني. ولو قال: صرفت مال الوقف لجهته أو عمارته التي يقتضيها الحال صدق بلا يمين.
(فإن شهد مع آخر بحكمه لم يقبل على الصحيح) لأنه يشهد بفعل نفسه. والثاني: يقبل، كما لو شهدت المرضعة أنها أرضعت ولم تطالب بأجرة. وفرق الأول بأن فعلها غير مقصود بالاثبات، ولان شهادتها على فعلها تتضمن تزكيتها بخلاف القاضي فيهما. واحترز بحكمه عما لو شهد أن فلانا أقر في مجلس حكمه بكذا، فإنه يقبل قطعا لأنه لم يشهد على فعل نفسه، وإنما يشهد على إقرار سمعه، قاله الماوردي.
تنبيه: قول المصنف: مع آخر يوهم أنه لو شهد بذلك وحده لم يقبل قطعا، ومقتضى كلامهم جريان الخلاف في