مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٨٣
يبق النائب اه‍. وهذا ظاهر. وبحث بعضهم أن الموت ليس بعزل، بل ينتهي به القضاء. (والأصح انعزال نائبه المطلق) بما ذكر، وهذا (إن لم يأذن له في الاستخلاف) لأن الاستخلاف في هذه للمعاونة، وقد زالت ولايته فبطلت المعاونة.
(أو) إن (قيل له) أي قال له الإمام: (استخلف عن نفسك، أو أطلق) له الاستخلاف لظهور غرض المعاونة وبطلانها ببطلان ولايته.
تنبيه: محل انعزاله عند الاطلاق إذا لم يعين من يستخلفه، فإن قال: استخلف فلانا فهو كقوله: استخلف عني فلا ينعزل، لأنه قطع نظر بالتعيين وجعله سفيرا، أشار إليه الماوردي والروياني كما ذكره الأذرعي وغيره (فإن قيل) أي قال الإمام له: (استخلف عني فلا) ينعزل الخليفة بما ذكر، لأنه نائب عن الإمام، والأول: سفير في التولية، والثاني: ينعزل مطلقا كالوكيل بموت الموكل، والثالث: لا مطلقا رعاية لمصلحة الناس.
تنبيه: مقتضى كلام الأصحاب انعزال نواب قاضي الإقليم الكبير بموته حيث لم يقل له الإمام استخلف عني، وهو كذلك، فقد قال الصيمري: نواب القاضي الكبير كقاضي خراسان ينعزلون بموته، وعزله على الصحيح بخلاف قضاة الإمام. قال: وجعل القاضي حسين قضاة والي الإقليم كقضاة الإمام، محله فيما إذا صرح الإمام له بذلك أو اقتضاه العرف، وحينئذ فيكون كالمنصوبين من جهة الإمام. (ولا ينعزل قاض) وغيره ممن ولي أمرا عاما كوكيل بيت المال، (بموت الإمام) وانعزاله لشدة الضرر في تعطيل الحوادث. وفرق في الحاوي بينه وبين خليفة القاضي بأن الإمام يستنيب القضاة في حقوق المسلمين فلم ينعزلوا بموته والقاضي يستنيب خليفته في حق نفسه فانعزل بموته. قال: وعلى هذا الفرق يجوز للقاضي أن ينعزل خليفته بغير موجب، ولا يجوز للإمام عزل القاضي بغير موجب اه‍. وتقدم الكلام على ذلك.
قال الأذرعي: وأفتى بعض العصريين بانعزال وكيل بيت المال بموت السلطان متمسكا بقولهم: إن الوكيل ينعزل بموت الموكل وهذا جمود على الأسماء وذهول عن المعنى، وليس بصواب بل غلط. (ولا) ينعزل (ناظر يتيم، و) ناظر (وقف بموت قاض) وانعزاله لئلا تتعطل أبواب المصالح.
تنبيه: لو شرط لواقف النظر لحاكم المسلمين ببلد كذا ففوض النظر فيه لواحد ثم تولى قاض جديد، قال الأذرعي: الظاهر انعزاله قطعا، لأنه آل إلى القاضي الجديد بشرط الواقف كما لو شرط النظر لزيد ثم لعمرو فنصب زيد لنفسه نائبا فيه ثم مات زيد فإنه ينعزل نائبه لا محالة ويصير النظر لعمرو فليحمل، إذ كلام المصنف على ما إذا آل النظر إلى القاضي لكون الواقف لم يشرط ناظرا، أو انقرض من شرط له، أو خرج عن الأهلية. قال ابن شهبة: ويقع في كتب الأوقاف كثيرا. فإذا انفرضت الذرية يكون النظر فيه لحاكم المسلمين ببلد كذا يوليه من شاء من نقبائه ونوابه، فإذا آل النظر إلى قاض فولى النظر لشخص فهل ينعزل بموت ذلك القاضي أو انعزاله. والأقرب عدم انعزاله. (ولا يقبل قوله) أي القاضي (بعد انعزاله): كنت (حكمت بكذا) لفلان إلا ببينة، لأنه لا يملك إنشاء الحكم حينئذ فلا يملك الاقرار. نعم لو انعزل بالعمى قبل منه ذلك لأنه إنما انعزل بالعمى فيما يحتاج إلى الابصار، وقوله: حكمت عليك بكذا لا يحتاج إلى ذلك، قاله البلقيني. ولو قال: صرفت مال الوقف لجهته أو عمارته التي يقتضيها الحال صدق بلا يمين.
(فإن شهد مع آخر بحكمه لم يقبل على الصحيح) لأنه يشهد بفعل نفسه. والثاني: يقبل، كما لو شهدت المرضعة أنها أرضعت ولم تطالب بأجرة. وفرق الأول بأن فعلها غير مقصود بالاثبات، ولان شهادتها على فعلها تتضمن تزكيتها بخلاف القاضي فيهما. واحترز بحكمه عما لو شهد أن فلانا أقر في مجلس حكمه بكذا، فإنه يقبل قطعا لأنه لم يشهد على فعل نفسه، وإنما يشهد على إقرار سمعه، قاله الماوردي.
تنبيه: قول المصنف: مع آخر يوهم أنه لو شهد بذلك وحده لم يقبل قطعا، ومقتضى كلامهم جريان الخلاف في
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548