ولو قال مشيرا إلى سخلة لا آكل من لحم هذه البقرة حنث بأكلها تغليبا للإشارة. (والخبز) في حلقه على أكله (يتناول كل خبز كحنطة وشعير) بفتح الشين أفصح من كسرها (وأرز) بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي (وباقلا) بتشديد اللام مع القصر اسم للفول (وذرة) - بإعجام الذال بخطه - وهي الدهن، وتكون سوداء وبيضاء (وحمص) بكسر الحاء بخطه، ويجوز فتح الميم وكسرها، وسائر المتخذ من الحبوب كالعدس وإن لم يكن بعضها معهودا ببلده، لأن الجميع خبز واللفظ باق على مدلوله من العموم، وعدم الاستعمال لا يوجب تخصيصا لوجود الاسم كما لو حلف لا يلبس ثوبا فإنه يحنث بكل ثوب وإن لم يعهده ببلده، وخبز الملة وهي - بفتح الميم وتشديد اللام - الرماد الحار كغيره (فلو ثرده) بالمثلثة مخففا (فأكله حنث) وكذا لو ابتلعه بلا مضغ كما في الروضة كأصلها هنا، وفي الطلاق فيها أنه لا يحنث بالبلع إذا حلف لا يأكل فعد ذلك تناقضا. وأجاب شيخي عن ذلك بأن ما في الطلاق مبني على اللغة، والبلع فيها لا يسمى أكلا، والايمان مبناها على العرف، والبلع فيها يسمى أكلا والجمع أولى من تضعيف أحد الموضعين، ولو جعله في مرقة حسوا: أي مائعا يشرب شيئا بعد شئ، أو فتيتا وهو الخبز يفت في الماء بحيث يبقى فيه كالحسو فشرب الحسو أو الفتيت. ويقال فيه الفتوت - بفتح الفاء فيهما - لم يحنث به، لأنه حينئذ لا يسمى خبزا قال ابن الرفعة: ويظهر أنه لو دق الخبز اليابس ثم أكله لم يحنث، لأنه استجد اسما آخر كالدقيق. قال في الروضة:
ولا يحنث بأكل الجوزنيق في الأصح، وهو القطائف المحشوة بالجوز، ومثله اللوزنيق، وهو القطائف المحشوة باللوز قال ابن خلكان: وعلل ذلك بأنه مقلي، وأخذ بعض المتأخرين من ذلك أن الضابط في الخبز كل ما خبز لا ما قلي.
قال في زيادة الروضة: وأما البقسماط والبسيس والرقاق وبيض لذلك. قال في المهمات. أما البقسماط فسماه الجوهري خبزا، والرقاق في معناه نعم أهل العرف لا يسمون ذلك خبزا، وأما البسيس فهو أن يلت السويق أو الدقيق أو الاقط المطحون بالسمن أو بالزيت ثم يؤكل من غير طبخ، كذا ذكره الجوهري وأنشد عليه: لا تخبز خبزا وبساسا وإذا علمت ما ذكره تفسيرا واستدلالا قطعت بأنه لا يحنث بالبسيس اه. وقال الأذرعي: يظهر الحنث بالرقاق والبقسماط وكذا ببسيس أو خبز، لا إن قلي بشيرج. قال: والمراد به أي بما يخبز ما يتعاطاه أهل الشام من أنهم يعجنون دقيقا ويخبزونه قبل أن يختم ثم يبسونه بغربال ونحوه ويضيفون إليه سمنا، وقد يزاد عسلا أو سكرا اه. وقوله: إلا إن قلي فيه إشارة إلى الضابط المذكور، وعليه يحنث بالكنافة، ولا يحنث بالزلابية. وفيه نظر، بل رجح الأشموني في بسط الأنوار أن البقسماط ونحوه لا يسمى خبزا، والظاهر أن الضابط في ذلك العرف، لا ما يخبز ويقلى. وقال بعض المتأخرين: ينبغي الحنث في الجميع إن اعتمدنا اللغة، وعدمه إن اعتمدنا العرف (و) الافعال المختلفة الأجناس كالأعيان لا يتناول بعضها بعضا، والشرب ليس أكلا ولا عكسه، فعلى هذا لو حلف لا يأكل سويقا فسفه، أو تناوله (بأصبع) مبلولة أو نحوها (حنث) لأنه يعد أكلا.
تنبيه: قضية كلامه أنه لا يشترط في حصول اسم الاكل المضغ، بل يكفي البلع وهو كذلك، وتقدم الفرق بينه وبين الطلاق عند قول المصنف فلو ثرده. (وإن جعله) أي السويق (في ماء) أو مائع وغيره حتى انماع (فشربه فلا) لعدم الاكل، فإن كان خائرا بحيث يؤخذ منه باليد حنث (أو) حلف (لا يشربه) أي السويق (فبالعكس) فيحنث في الثانية لوجود المحلوف عليه دون الأولى، لأنه لم يشربه.
فروع: لو حلف لا يأكل سويقا ولا يشربه فذاقه لم يحنث، لأنه لم يأكل ولم يشرب، وإن حلف لا يذوق شيئا فمضغه ولفظه حنث، لأن الذوق معرفة الطعم وقد حصل، ولو حلف لا يأكل ولا يشرب ولا يذوق فأوجر في حلقه وبلغ جوفه لم يحنث لأنه لم يأكل ولم يشرب ولم يذق أو لا يطعم حنث بالايجار من نفسه أو من غيره باختباره لأن معناه لأجعلنه لي طعاما وقد جعله له طعاما، ولو حلف لا يأكل العنب أو الرمان فامتصه ولم يزدرد شيئا من تفله لم يحنث