مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٥٣
(أو) حلف (لا يدخل دارا اشتراها زيد لم يحنث) أي الحالف (بدار أخذها) زيد كلها أو بعضها (بشفعة) لفقد الاسم المعلق عليه في الوضع والعرف، إذ الاخذ بالشفعة شراء حكمي لا حقيقي، ويتصور أخذ الكل بالشفعة في صورتين: الأولى في شعفة الجوار، وهي أن يأخذ بها دار جاره ويحكم له بها حاكم حنفي وقلنا يحل له باطنا كما هو الأصح. الثانية أن يملك شخص نصف دار ويبيع شريكه النصف الآخر فيأخذه بالشفعة، فتصير الدار جميعها له ثم يبيع الآخر النصف الذي لم يملكه بالشفعة شائعا، ثم يبيعه ذلك الغير من غير فله أخذه منه بالشفعة وقد صدق عليه أنه ملك جميع الدار بالشفعة، لكن في عقدين.
خاتمة: فيها مسائل منثورة مهمة تتعلق بالباب لو حلف لا يخرج فلان إلا بإذنه أو بغير إذنه، أو حتى يأذن له، فخرج بلا إذن منه حنث، أو بإذن فلا، ولو لم يعلم إذنه لحصول الاذن وانحلت اليمين في حالتي الحنث وعدمه حتى لو خرج بعد ذلك لم يحنث ولو كان الحلف بالطلاق فخرجت وادعى الاذن لها وأنكرت فالقول قولها بيمينها، وتنحل اليمين بخرجة واحدة، لأن لهذا اليمين جهة بر وهي الخروج بإذن، وجهة حنث وهي الخروج بلا إذن، لأن الاستثناء يقتضي النفي والاثبات جميعا، وإذا كان لها جهتان ووجدت إحداهما انحلت اليمين بدليل ما لو حلف لا يدخل اليوم الدار وليأكلن هذا الرغيف، فإنه إن لم يدخل الدار في اليوم بر وإن ترك أكل الرغيف، وإن أكله بر وإن دخل الدار، وليس كما لو قال: إن خرجت لابسة حريرا فأنت طالق فخرجت غير لابسة له لا تنحل حتى يحنث بالخروج ثانيا لابسة له، لأن اليمين لم تشتمل على جهتين، وإنما علق الطلاق بخروج مقيد، فإذا وجد وقع الطلاق، فإن كان التعليق بلفظ كلما أوكل وقت لم تنحل بخرجة واحدة وطريقه أن يقول: أذنت لك في الخروج كلما أردت، ولو قال: لا أخرج حتى أستأذنك، فاستأذنه فلم يأذن فخرج حنث، لأن الاستئذان لا يعني لعينه، بل للاذن، ولم يحصل. نعم إن قصد الاعلام لم يحنث، أو حلف لا يلبس ثوبا أنعم به عليه فلان فباعه ثوبا وأبرأه من ثمنه أو حاباه فيه لم يحنث بلبسه، وإن وهبه له أو وصى له به حنث بلبسه إلا أن يبدله قبل لبسه بغيره ثم بلبس الغير فلا يحنث، وإن عدد عليه النعم غيره فحلف لا يشرب له ماء من عطش فشرب له ماء بلا عطش، أو أكل له طعاما أو لبس له ثوبا لم يحنث لأن اللفظ لا يحتمله.
أو حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس ثوبا سداه من غزلها ولحمته من غيره لم يحنث، وإن قال: لا ألبس من غزلها حنث به لا بثوب خيط بخيط من غزلها لأن الخيط لا يوصف بأنه ملبوس وإن قال: لا ألبس مما غزلته لم يحنث بما غزلته بعد اليمين، أو لا ألبس مما تغزله لم يحنث بما غزلته قبل اليمين. أو قال: لا ألبس من غزلها حنث بما غزلته وبما تغزله لصلاحية اللفظ لهما. أو حلف ليصلين على النبي (ص) أفضل الصلاة فليقل: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إلخ. هذا ما قال في الروضة أنه الصواب. ونقل الرافعي عن المروزي إن أفضلها أن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عن ذكره الغافلون. قال المصنف: وقد يستأنس له بأن الشافعي رضي الله عنه كان يستعمل هذه العبارة ولعله أول من استعملها. وقال البارزي:
عندي أن البر أن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد أفضل صلواتك عدد معلوماتك اه‍. والأوجه الأول.
ومع ذلك فالأحوط للحالف أن يأتي بجميع ما ذكر كما قاله الأذرعي. ولا بد في كل ما قيل أنه أفضل أن تقرن الصلاة بالسلام وإلا فيكون مكروها، ولا يقال في المكروه أنه أفضل من غيره وهذا ظاهر وإن لم أر من تعرض له في هذا المحل أو حلف لا يزور فلانا حيا ولا ميتا لم يحنث بتشييع جنازته. أو لا يدخل بيته صوفا فأدخل شاة عليها صوف ومثله الجلد الذي عليه الصوف كما بحثه شيخنا. أو لا يدخل بيته بيضا فأدخل دجاجة فباضت ولو في الحال لم يحنث.
أو حلف لا يظله سقف حنث باستظلاله بالأزج. أو حلف لا يفطر حنث بأكل وجماع ونحوهما مما يفطر، لا بردة وحيض ودخول ليل ونحوهما مما لا يفطر عادة كجنون فلا يحنث بها. أو حلف لا يتزوج امرأة كان لها زوج فطلق امرأته ثم تزوجها لم يحنث لأن اليمين تنعقد على غير زوجته التي هي في نكاحه، فإن كانت بائنا فتزوجها حنث، أو حلف
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548