المشموم حنث بذلك دون المسك والكافور والعنبر، لأنها طيب لا مشموم، ولو حلف على الورد والبنفسج لم يحنث بدهنهما، و (لو حلف لا يأكل هذه الثمرة) المعينة (فاختلطت بتمر فأكله إلا تمرة). قال الصيمري: أو أكل الغراب مثلا منه واحدة (لم يحنث) لاحتمال أن تكون المتروكة هي المحلوف عليها والأصل براءة ذمته من الكفارة والورع أن يكفر لاحتمال أنها غير المحلوف عليها، فإن علم أنه أكلها أو أكل الكل حنث. قال القفال: ويحنث بآخر تمرة يأكلها حتى لو كان الحلف بالطلاق فالعدة من حينئذ لا من وقت اشتغاله بالاكل.
تنبيه: كلامه يوهم أنه لو أكله إلا بعض تمرة أنه يحنث، وليس مرادا، فلو ذرها لعلم منها حكم ترك جميع التمرة من باب أولى. (أو) حلف (ليأكلنها) أي التمرة المعينة (فاختلطت) بتمر كله (لم يبر إلا بالجميع) لاحتمال أن تكون المتروكة هي المحلوف عليها. أما إذا لم تخلط به كله كأن وقعت في جانب من الصبرة فأكل ذلك الجانب بر كما قاله الإمام، ويقاس على ذلك ما إذا كانت التمرة متميزة عن أكثر التمر وهناك قليل يشبهها بر بأكل جميع ما يشبهها والضابط حصول اليقين بأكلها (أو) حلف (ليأكلن هذه الرمانة فإنما يبر بجميع حبها) لتعلق يمينه بالجميع، ولهذا لو قال: لا آكلها، فترك منها حبة لم يحنث (أو) حلف (لا يلبس هذين الثوبين) وأطلق (لم يحنث بأحدهما) لأن الحلف عليهما، فإن نوى أن لا يلبس منهما شيئا حنث بأحدهما كما نص عليه في الام. ولو أتى بواو العطف بدلا عن التثنية كما لو قال: لا ألبس هذا الثوب وهذا الثوب كان الحكم كذلك (فإن لبسهما معا) أي في مدة واحدة (أو مرتبا) بأن لبس أحدهما ثم قلعه ثم لبس الآخر (حنث) لوجود المحلوف عليه.
تنبيه: قد استعمل المصنف معا للاتحاد في الزمان وفاقا لثعلب وغيره، لكن الراجح عند ابن مالك خلافه، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الجراح. (أو) قال في حلفه أنه (لا ألبس هذا ولا هذا حنث بأحدهما) لأنهما يمينان، حتى لو حنث في أحدهما بقيت اليمين منعقدة على فعل الآخر حتى إذا وجد كفر أخرى، لأن إدخال حرف العطف وتكرير لا بينهما يقتضي ذلك. ويخالف ما لو حذف لا فإنه لا يحنث إلا بالجميع كما مر لتردده بين جعلهما كالشئ الواحد والشيئين، والأصل براءة الذمة وعدم الحنث، فإذا أدخل لا فلا بد من فائدة وليس إلا إفراد كل منهما باليمين فحملت عليه، ولذا قال النحاة: إن النفي بلا لنفي كل واحد.
ودونها لنفي المجموع. فروع: لو حلف لا يلبس شيئا فلبس درعا، وهي من الحديد مؤنثة عند الجمهور، وحكى أبو عبيدة والجوهري فيها التذكير والتأنيث، هذا في درع الرجل، وأما درع المرأة فمذكر باتفاق، أو جوشنا بفتح الجيم والشين المعجمة، أو خفا أو نعلا، وهي مؤنثة، أو خاتما، أو قلنسوة أو نحوها من سائر ما يلبس حنث لصدق الاسم بذلك. وفرق بعضهم بين الدرع والجوشن بأن الأول سابغ كله، والثاني إلى نصف الفخذ وإلى نصف العضد، وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث بقميص ورداء، وسراويل وجبة وقباء ونحوها، مخيطا كان أو غيره، من قطن وكتان وصوف وإبريسم سواء لبسه بالهيئة المعتادة أم لا، بأن ارتدى، أو اتزر بالقميص، أو تعمم بالسراويل لتحقق اسم اللبس والثوب لا بالجلود والقلنسوة والحلي لعدم اسم الثوب. نعم إن كان من ناحية يعتادون لبس الجلود ثيابا فيشبه كما قال الأذرعي أنه يحنث بها ولا يحنث بوضع الثوب على رأسه، ولا بافتراشه تحته ولا بتدثره، لأن ذلك لا يسمى لبسا وإنما حرم افتراش الحرير لأنه نوع استعمال فكان كسائر أنواع الاستعمال. وإن حلف على رداء أنه لا يلبسه ولم يذكر الرداء في يمينه بل قال: لا ألبس هذا الثوب فقطعه قميصا ولبسه حنث لأن اليمين على لبسه ثوبا فحمل على العموم كما لو حلف لا يلبس قميصا منكرا أو معرفا كهذا القميص فارتدى أو اتزر به حنث لتحقق اسم اللبس والقميص. وقد مر نظيره في الحلف على لبس الثوب لا إن ارتدى أو اتزر به بعد فتقه لزوال اسم القميص فلو أعاده على هيئته الأولى فكالدار