والرسالة من التكلم، فدل على أنها منه، وقوله تعالى: * (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) * فاستثنى الرمز من الكلام، فدل على أنه منه، ومنهم من قطع بالجديد، وحمل ما نقل عن القديم على ما إذا نوى في يمينه المكاتبة والمراسلة، قاله الرافعي، وهو صريح في أنه عند النية يحنث قطعا وهو واضح، ووجهه أن المجاز تجوز إرادته بالنية.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف الإشارة يقتضي أنه لا فرق فيها بين إشارة الناطق والأخرس وهو كذلك، وإنما أقيمت إشارة الأخرس في المعاملات مقام النطق للضرورة كذا ذكره الرافعي، وتعقب بما في فتاوى القاضي من أن الأخرس لو حلف لا يقرأ القرآن فقرأه بالإشارة حنث، وبما مر في الطلاق من أنه لو علقه بمشيئة ناطق فخرس، وأشار بالمشيئة طلقت وأجيب عن الأول بأن الخرس موجود فيه قبل الحلف بخلافه في مسألتنا، وعن الثاني بأن الكلام مدلوله اللفظ فاعتبر بخلافه المشيئة، وإن كانت تؤدى باللفظ.
تنبيه: قد مر في كتاب القسم والنشوز أن هجران المسلم فوق ثلاثة أيام حرام إلا لمصلحة، فإذا كاتبه أو راسله ارتفع الهجران إذا كان ذلك في حال الغيبة أو كانت المواصلة بينهما قبل الهجران بهما وتضمنت في الحالين الألفة بينهما لا إن كان فيهما إيذاء وإيحاش فلا يرتفع بهما الاثم، ولا إن كان ذلك في حال الحضور ولم تكن المواصلة بينهما قبل الهجران بذلك. (ولو قرأه) الحالف (آية أفهمه) أي المحلوف على عدم كلامه (بها مقصوده) نحو: * (ادخلوها بسلام آمنين) * عند طرق المحلوف عليه الباب (وقصد قراءة) فقط أو مع إفهامه (لم يحنث) لأنه لم يكلمه (وإلا) بأن قصد إفهامه فقط أو أطلق (حنث) لأنه كلمه، ونازع البلقيني في حال الاطلاق. واعتمد عدم الحنث، ومثل هذا ما لو فتح على إمامه أو سبح لسهوه فيأتي فيه التفصيل المذكور. وإن فرق بعضهم بأن ذلك من مصالح الصلاة بخلاف قراءة الآية.
فروع: لو حلف لا يقرأ حنث بما قرأ ولو بعض آية، أو ليتركن الصوم أو الحج أو الاعتكاف أو الصلاة حنث بالشروع الصحيح في كل منها، وإن فسد بعده لأنه يسمى صائما وحاجا ومعتكفا ومصليا بالشروع لا بالشروع الفاسد، لأنه لم يأت بالمحلوف عليه لعدم انعقاده إلا في الحج فيحنث به، وصورة انعقاد الحج فاسدا أن يفسد عمرته ثم يدخل الحج عليها فإنه ينعقد فاسدا، وتصويره بأن يحرم به مجامعا إنما يأتي على وجه مرجوح، إذ الأصح عدم انعقاده كما مر في بابه أو لا أصلي صلاة حنث بالفراغ منها ولو من صلاة فاقد الطهورين ونحوها مما يجب قضاؤها عملا بنيته، ولا يحنث بسجود تلاوة وشكر وطواف، لأنها لا تسمى صلاة قال الماوردي والقفال: ولا يحنث بصلاة جنازة لأنها غير متبادرة عرفا. وقضية كلام ابن المقري أنه يحنث بصلاة ركعة واحدة، وكلام الروياني يقتضي أنه إنما يحنث بصلاة ركعتين فأكثر، وهذا أوجه كما لو نذر أن يصلي صلاة أو لا يصلي خلف زيد فحضر الجمعة فوجده إماما ولم يتمكن من صلاة جمعة غير هذه موجب عليه أن يصلي خلفه لأنه ملجأ إلى الصلاة بالاكراه الشرعي وهل يحنث أو لا؟ الظاهر الأول كما بحثه بعض المتأخرين كما حلف لا يصوم فأدرك رمضان فإنه يجب عليه الصوم ويحنث أو لا يؤم زيدا فصلى زيد خلفه ولم يشعر به لم يحنث، فإن شعر به وهو في فريضة وجب عليه إكمالها، وهل يحنث أو لا؟ فيه ما مر. (أو لا مال له) وأطلق (حنث بكل نوع وإن قل) وزاد على المحرر قوله: (حتى ثوب بدنه) لصدق اسم المال عليه.
تنبيه: قضية قوله بكل نوع أنه لا فرق بين المنافع والأعيان، وهو قضية تقسيم المال إلى أعيان ومنافع، لكن قال الرافعي: لو كان يملك منفعة بوصية أو إجارة لم يحنث على الصحيح، لأن المفهوم من لفظ المال عند الاطلاق الأعيان اه. وقضية قوله وإن قل أنه لا فرق بين المتمول وغيره. لكن قيده البلقيني بالمتمول واستظهره الأذرعي وهو الظاهر، وقوله وثوب مجرور بحتى عطفا على المجرور قبله، وشرط جمع من النحويين في عطفها على