مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٣١
لا يدخلها) أي الدار (وهو فيها، أو لا يخرج) منها (وهو خارج فلا حنث) في الصورتين (بهذا) المذكور من دخول أو خروج، لأن الدخول الانفصال من خارج إلى داخل والخروج عكسه ولم يوجد ذلك في الاستدامة، فلهذا لا يسمى دخولا ولا خروجا. نعم إن نوى بعدم الدخول الاجتناب فأقام حنث كما قاله ابن الرفعة تبعا للإمام، أو نوى بعدم الخروج عدم نقل المتاع والاهل حنث بنقلهما، ولو حلف لا يملك هذه العين وهو مالكها فكما وحلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها، قاله الزركشي نقلا عن فتاوى ابن الصلاح (أو) حلف (لا يتزوج) وهو متزوج (أو لا يتطهر) وهو متطهر (أو لا يلبس) وهو لابس (أو لا يركب) وهو راكب (أو لا يقوم) وهو قائم (أو لا يقعد) وهو قاعد (فاستدام هذه الأحوال) المتصف بها من التزوج إلى آخرها (حنث) في جميع هذه المذكورات (قلت: تحنيثه) أي المحرر بمسائل استدامة اللبس والركوب والقيام والقعود صحيح، لأنه يقال: لبست يوما وركبت يوما، وهكذا الباقي و (باستدامة التزوج والتطهر غلط) لمخالفته للمجزوم به في الشرحين وغيرهما من عدم الحنث (لذهول) بذال معجمة، وهو نسيان الشئ والغفلة عنه، إذ لا يقال: تزوجت شهرا بل من شهر، لأن التزوج قبول العقد. وأما وصف الشخص بأنه لم يزل ناكحا فلانة منذ كذا فإنه يراد به استمرارها على عصمة نكاحه، ولا يقال تطهرت شهرا بل من شهر.
تنبيه: محل عدم الحنث إذا لم ينو الاستدامة، فإن نواها حنث لوجود الصفة المقصودة بيمينه، قاله صاحب الاستقصاء. ولو نوى باللبس شيئا مبتدأ فهو على ما نواه. قاله ابن الصلاح. (واستدامة طيب ليست تطيبا في الأصح) فلا يحنث باستدامته من حلف لا يتطيب. إذ لا يقال: تطيبت شهرا. ولهذا لو تطيب ثم أحرم واستدام لا تلزمه الفدية (وكذا وطئ وصوم وصلاة) بأن يحلف في الصلاة ناسيا أنه فيها، أو كان أخرس وحلف بالإشارة فلا يحنث باستدامتها على الأصح (والله أعلم) لما مر. قال بعضهم: ولا يخلو ذلك عن بعض إشكال، إذ يقال: صمت شهرا وصليت ليلة، وقد يجاب بأن الصلاة انعقاد النية، والصوم كذلك كما قالوا في التزوج: أنه قبول النكاح، وقد صرحوا بأنه لو حلف أنه لا يصلي فأحرم بالصلاة إحراما صحيحا حنث، لأنه يصدق عليه أنه مصل بالتحرم. قال الماوردي: وكل عقد أو فعل يحتاج إلى نية لا تكون استدامته كابتدائه، ولو حلف لا يشارك زيدا فاستدام أفتى ابن الصلاح بالحنث إلا أن يريد شركة مبتدأة، ولو حلف لا يستقبل القبلة وهو مستقبل فاستدام حنث قطعا، ولو حلف لا يغصب شيئا لم يحنث باستدامة المغصوب في يده كما جزم به في الروضة. فإن قيل يقال: غصبته شهرا أو سنة، ونحو ذلك كما قاله في المهمات. أجيب بأن يغصب يقتضي فعلا مستقبلا، فهو في معنى قوله: لا أنشئ غصبا. وأما قولهم: غصبه شهرا فمعناه: غصبه وأقام عنده شهرا كما أول قوله تعالى: * (فأماته الله مائة عام) * أي أماته وألبثه مائة عام أو جرت عليه أحكام الغصب شهرا، وأما تسميته غاصبا باعتبار الماضي فمجاز لا حقيقة. ولو حلف لا يسافر وهو في السفر قاصدا بحلفه الامتناع من ذلك السفر فرجع فورا أو وقف بنية الإقامة لم يحنث، فإن لم يقصد ذلك حنث، لأنه في العرف مسافر أيضا، قاله في الروضة. قال في المهمات: وهو ذهول عن المنقول، فقد جزم الماوردي في الحاوي بأنه لا يحنث وعلله بقوله: لأنه أخذ في ترك السفر، وهذا بحسب ما فهمه من كلام الماوردي، وكلامه فيما إذا قصد الامتناع عن ذلك السفر كما مر، فلا مخالفة بين الكلامين. (ومن حلف لا يدخل دارا) معينة (حنث بدخول دهليز) لها، وهو فارسي معرب (داخل الباب) الذي لا ثاني بعده، فهو بين الباب والدار (أو) كان (بين بابين) لأنه
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548