قدر إمكانه) أي قضاء الحق (حنث) لتفويته البر باختياره، وكذا لو مضى زمن الشروع ولم يشرع مع الامكان ولا يتوقف على مضي زمن القضاء كما صرح به الماوردي فينبغي أن يعد المال ويترصد ذلك الوقت فيقضيه فيه.
تنبيه: قد ذكر الشيخان فيما لو قال: لأقضين غدا ونوى أنه لا يؤخره عن الغد أنه لا يحنث بقضائه قبله فيجئ مثله هنا، فيستثنى هذا من قول المصنف: فإن قدم. ولو قال الحالف أردت بقولي عند إلى ففي قبوله وجهان: مختار الإمام والغزالي منهما القبول فيجوز له حينئذ تقديم القضاء عليه. (وإن شرع في الكيل) أو الوزن، أو العد (حينئذ) أي عند غروب الشمس، أو في مقدمة القضاء كحمل الكيل أو الميزان، ولو عبر بها كان أولى لفهم الشروع في غيرها بطريق أولى (ولم يفرغ) من توفية الحق الموزون أو المكيل مع تواصل الكيل أو الوزن أو نحوه كما يشير إليه كلام الماوردي وابن الصباغ (لكثرته إلا بعد مدة لم يحنث) لأنه أخذ في القضاء عند ميقاته، فإن حصلت فترات لا يعد الكيل أو نحوه فيها متواصلا حنث حيث لا عذر.
تنبيه: لو حمل الحق إليه حين الغروب ومنزله بعيد لا يصل إليه حتى تمضي الليلة لم يحنث كما قال الماوردي، ولو شك في الهلال فأخر القضاء عن الليلة الأولى وبان كونها من الشهر لم يحنث كالمكره وانحلت اليمين كما قاله ابن المقري ، ولو رأى الهلال بالنهار بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة كما مر في كتاب الصوم فلو أخر القضاء إلى الغروب لم يحنث كما قاله الصيدلاني. (أو) حلف (لا يتكلم فسبح) الله تعالى أو حمده أو هلله أو كبره، وكذا لو دعا. قال القاضي أبو الطيب: بما لا يتعلق بخطاب الآدمي (أو قرأ قرآنا) في الصلاة أو خارجها ولو كان عليه حدث أكبر (فلا حنث) بذلك لانصراف الكلام إلى كلام الآدميين في محاوراتهم، ولو حلف لا يسمع كلاما يحنث بسماعه ذلك من نفسه، ولو قرأ من التوراة الموجودة اليوم أو الإنجيل لم يحنث للشك في أن الذي قرأه مبدل أو لا، ويؤخذ منه أنه يحنث بما يعلمه مبدلا كأن قرأ جميع التوراة والإنجيل ولا يحنث بكلام النفس، ولو تكلم مع نفسه من غير أن يخاطب أحدا أو صلى وسلم في صلاته قال في الكافي: يحتمل وجهين: أصحهما الحنث لأنه كلام حقيقة، ويحنث بكل ما يعدونه مخاطبة للناس، فلو حلف لا يسلم على زيد مثلا (أو لا يكلمه فسلم عليه) وسمع كلامه كما قاله البغوي. قالا: ولو كان سلام الصلاة (حنث) أما عدم السلام عليه فقد مر، وأما عدم كلامه فلان السلام عليه نوع من الكلام، ويؤخذ من ذلك أنه لا بد من قصده بالسلام، فلو قصد التحلل فقط أو أطلق لم يحنث كما بحثه بعض المتأخرين وهو الظاهر، بل قال الأذرعي: الراجح المختار الذي دلت عليه قواعد الباب، والعرف الظاهر أنه لا يحنث به، لأنه لا يقال كلمه أصلا بخلاف السلام مواجهة خارج الصلاة، ولو سبق لسانه بذلك لم يحنث كما قاله ابن الصلاح، وبحث ابن الأستاذ عدم قبول ذلك منه في الحكم وهو ظاهر حيث لا قرينة هناك تصدقه. واعتبر الماوردي والقفال المواجهة أيضا، فلو تكلم بكلام فيه تعريض له ولم يواجهه كيا حائط ألم أقل لك كذا لم يحنث، والمراد بالكلام الذي يحنث به اللفظ المركب ولو بالقوة كما بحثه الزركشي.
تنبيه: لو كلمه وهو مجنون أو مغمى عليه وكان لا يعلم بالكلام لم يحنث وإلا حنث وإن لم يفهمه كما نقله الأذرعي عن الماوردي، ونقل عنه أيضا أنه لو كلمه وهو نائم بكلام يوقظ مثله حنث وإلا فلا لو كلمه وهو بعيد منه، فإن كان بحيث يسمع كلامه حنث وإلا فلا، سمع كلامه أم لا. (وإن كاتبه أو راسله أو أشار إليه بيد أو غيرها) بعين أو رأس (فلا) حنث عليه بذلك (في الجديد) حملا للكلام على الحقيقة بدليل صحة النفي عن ذلك، فيقال ما كلمه ولكن كاتبه أو راسله، وفي التنزيل: * (فلن أكلم اليوم إنسيا) * * (فأشارت إليه) * وفي القديم نعم، حملا للكلام على الحقيقة والمجاز، ويدل له قوله تعالى: * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا) * فاستثنى الوحي