صاحب الثوب إذ عليه الاحتراز (إلا ثوب أعمى) ولو مقبلا (و) إلا ثوب (مستدبر البهيمة فيجب تنبيهه) أي كل منهما، فإن لم ينبهه ضمنه لتقصيره، وإن نبهه وأمكنه الاحتراز ولم يحترز فلا ضمان. وألحق البغوي وغيره بما إذا لم ينبهه ما لو كان أصم، ويلحق بالأعمى معصوب العين لرمد ونحوه كما ذكر المصنف.
تنبيه: محل ضمان جميع الثوب إذا لم يكن من صاحب الثوب جذب، فإن علق الثوب في الحطب فجذبه صاحبه وجذبته البهيمة فعلى صاحب الدابة نصف الضمان كلاحق وطئ مداس سابق فانقطع فإنه يلزمه نصف الضمان، لأنه انقطع بفعله وفعل السابق. قال الرافعي: وينبغي أن يقال إن انقطع مؤخر السابق فالضمان على اللاحق، أو مقدم مداس اللاحق فلا ضمان على السابق، ولو دخل في غير وقت الزحام وتوسط السوق فحدث الزحام، فالمتجه كما قال الزركشي إلحاقه بما لم يكن زحام لعدم تقصيره، كما لو حدثت الريح وأخرجت المال من الثقب لا قطع فيه، بخلاف تعريضه للريح الهابة، وقيد الإمام والغزالي وغيرهما البصير المقبل بما إذا وجد منحرفا، وقضيته أنه إذا لم يجده لضيق وعدم عطفة يضمن لأنه في معنى الزحام، نبه عليه الزركشي. (و) صاحب البهيمة (إنما بضمنه) أي ما أتلفته بهيمته (إذا لم يقصر صاحب المال) فيه (فإن قصر بأن وضعه) أي المال (بطريق أو عرضه للدابة فلا) يضمنه فإنه المضيع لماله، وألحق به القفال في فتاويه ما إذا كان يمشي من جهة وحمار الحطب من أخرى فمر على جانب الحمار وأراد أن يتقدم الحمار فتعلق ثوبه بالحطب وتمزق فلا ضمان على السائق، لأنه جنى بمروره على الحطب.
تنبيه: قسيم قول المصنف سابقا من كان معه دابة قوله هنا (وإن كانت الدابة وحدها فأتلفت زرعا أو غيره نهارا لم يضمن صاحبها، أو ليلا ضمن) لتقصيره بإرسالها ليلا بخلافه نهارا للخبر الصحيح في ذلك رواه أبو داود وغيره وهو على وفق العادة في حفظ الزرع ونحوه نهارا والدابة ليلا، ولو تعود أهل البلد إرسال البهائم أو حفظ الزرع ليلا دون النهار انعكس الحكم فيضمن مرسلها ما أتلفته نهارا دون الليل اتباعا لمعنى الخبر والعادة، ومن ذلك يؤخذ ما بحثه البلقيني أنه لو جرت عادة بحفظها ليلا ونهارا ضمن من مرسلها ما أتلفت مطلقا.
تنبيه: يستثنى من عدم الضمان نهارا صور: إحداها ما إذا ربط الدابة في الطريق على بابه أو غيره، فأتلفت شيئا فيلزمه الضمان مطلقا وإن كان الطريق واسعا على الصحيح المنصوص، لأن الارتفاق به مشروط بسلامة العاقبة كإشراع الجناح. نعم إن ربطها في المتسع بأمر الإمام لم يضمن كما لو حفر بئرا فيه لمصلحة نفسه، قاله القاضي والبغوي.
ثانيها ما إذا كانت المراعي متوسطة المزارع وكانت البهائم ترعى في حريم السواقي فيجب ضمان ما تفسده إذا أرسلها بلا راع على المذهب لاعتياد الراعي في مثل ذلك. ثالثها ما إذا أخرجها عن زرعه إلى زرع غيره فأتلفته ضمنه، إذ ليس له أن يقي ماله بمال غيره، فإن لم يمكن إلا ذلك بأن كانت محفوفة بمزارع الناس ولا يمكن إخراجها إلا بإدخالها مزرعة غيره تركها في زرعه وغرم صاحبها ما أتلفته. رابعها ما إذا أرسلها في البلد وأتلفت شيئا فإنه يضمنه مطلقا لمخالفة العادة. خامسها ما لو تكاثرت المواشي بالنهار حتى عجز أصحاب الزرع عن حفظها فحكى فيه الماوردي وجهين: رجح البلقيني منهما وجوب الضمان على أصحاب المواشي لخروج هذا عن مقتضى العادة وهي المعتبرة على الأصح. سادسها ما لو أرسل الدابة في موضع مغصوب فانتشرت منه إلى غيره فأفسدته كان مضمونا على من أرسلها ولو كان نهارا، قاله البلقيني واستشهد له بقول القاضي الحسين: أنه إذا خلاها في ملك الغير سواء كان ليلا أم نهارا فهو مضمون، لأنه متعد في إرسالها. سابعها لو أرسل الدابة المودوعة فأتلفت ولو نهارا لزم المرسل الضمان إن لم يكن معها أجير يحفظها.
ثامنها لو استأجر رجلا يحفظ دوابه فأتلفت زرعا ليلا أو نهارا فعلى الأجير الضمان كما حكاه الرافعي عن فتاوى البغوي، وعلله بأن عليه حفظها في الوقتين. ثم قال: وفي هذا توقف، ويشبه أن يقال عليه حفظها بحسب ما يحفظه الملاك.