ولو (بلا حافظ) للعرف كذا أطلقوه، وينبغي كما قال الزركشي: تقييده بما إذا أحاطت به المنازل الأهلية، فأما إذا اتصلت بالعمارة ولها جانب آخر من جهة البرية فإنها تلحق بالبرية وسيأتي. وخرج بقوله مغلقة ما لو كان الباب مفتوحا فإنه لا بد من الحافظ ولو كان نائما كما صرح به في المعتمد. فإن قيل: قيد المصنف سابقا الدار المتصلة بالعمارة بكونها محرزة نهارا زمن أمن، ولا يظهر بينهما فرق كما قاله بعض المتأخرين. أجيب بأنه يتسامح في أمر الماشية دون غيرها (و) الماشية بأبنية مغلقة (ببرية يشترط) في إحرازها لما فيها (حافظ) قوي أو ضعيف يبالي به (ولو) هو (نائم) فإن كان الباب مفتوحا اشترط حافظ مستيقظ، وهذا يفهم من قوله أولا مغلقة. قال الأذرعي: والظاهر أن نومه بالباب مفتوح كاف، ويكفي كون المراح من حطب أو حشيش أو نحوه، وشرط الماوردي في المراح بالبرية اجتماعها فيه بحيث يحس بعضها بحركة بعض وأن يكون معها حافظ، فإن كان مستيقظا كفى، فإن نام احتاج إلى شرط ثالث وهو ما يوقظه إن أريد سرقتها ككلاب تنبح أو أجراس تتحرك فإن أخل بهذا عند نومه لم تكن محرزة، واستحسنه الأذرعي، فإن كان الحافظ ضعيفا لم يبال به السارق ولا يلحقه غوث فكالعدم كما مر.
تنبيه: قوله بأبنية يقتضي اعتبار إحراز الماشية به وليس مرادا فقد جزما بأن الإبل المناخة المعقولة محرزة بحافظ عندها ولو نائما لأن في حل عقالها ما يوقظه، ولان الرعاة إذا أرادوا أن يناموا عقلوا إبلهم (وإبل) وما ذكر معها من خيل ونحوها (بصحراء) ترعى في مرعى خال عن المارين (محرزة بحافظ) أي معها (يراها) ويبلغها صوته، فإن نام أو غفل عنها أو استتر عنه بعضها فمضيع لها في الأولين ولبعضها المستتر في الأخيرة، فإن لم تخل المرعى عن المارين حصل الاحراز بنظرهم، نبه عليه الرافعي أخذا من كلام الغزالي، وإن بعد عن بعضها ولم يبلغ ذلك البعض صوته فوجهان: أحدهما أنه غير محرز لعدم بلوغ الصوت له، والثاني وهو الظاهر ورجحه في الشرح الصغير وعزاه القمولي وابن الرفعة إلى الأكثرين محرزا اكتفاء بالنظر لامكان العدو إلى ما لم يبلغه. (و) إبل أو بغال (مقطورة) يقودها قائد (يشترط) في إحرازها (التفات قائدها) أو راكب أولها (إليها كل ساعة بحيث يراها) جميعها لأنها تعد محرزة بذلك، وإن كان يسوقها سائق فمحرزة إن انتهى نظره إليها، وفي معناه الراكب لآخرها، فإن كان لا يرى البعض لحائل جبل أو بناء فذلك البعض غير محرز، فإن ركب غير الأول والآخر فهو لما بين يديه كسائق ولما في خلفه كقائد. قالا وقد يستغنى بنظر المارة عن نظره إن كان يسيرها في سوق ونحوه، وفي اشتراط بلوغ الصوت لها ما سبق قريبا (و) يشترط (أن لا يزيد قطار) وهو بكسر القاف ما كان بعضها أثر بعض (على تسعة) - بالتاء المثناة أو له - للعادة الغالبة في ذلك، فإن زاد فكغير المقطورة. قال ابن الصلاح: كذا وقع في بعض نسخ الوسيط وهو تصحيف، والصحيح سبعة - بالموحدة بعد السين - وعليه العرف، واعترضه الأذرعي بأن المنقول تسعة - بالمثناة في أوله - وهو ما ذكره الفوراني ونقله عنه العمراني، وكذا قاله البغوي والغزالي في الوجيز والوسيط، ونسبه في الوسيط إلى الأصحاب، قال الرافعي: والأحسن التوسط، ذكره أبو الفرج السرخسي، فقال:
في الصحراء لا يتقيد القطار بعدد، وفي العمران يعتبر ما جرت العادة بأن يجعل قطارا هو ما بين سبعة إلى عشرة، وصححه في الروضة وجرى عليه ابن المقري في روضه وهو الظاهر. وقال البلقيني: التقييد بالتسع أو السبع ليس بمعتمد، فإن الشافعي لم يعتبر ذلك ولا كثير من الأصحاب، منهم الشيخ أبو حامد وأتباعه. وذكر الأذرعي والزركشي نحوه، قالا:
والأشبه الرجوع في كل مكان إلى عرفه، وبه صرح صاحب الوافي. قال الرافعي: ومنهم من أطلق التقطير ولم يقيده بعدد. قال الأذرعي: وهم الجمهور، وكذا أطلقه الشافعي رحمه الله في الام والمختصر، وسبب اضطراب الأصحاب في عدد القطار اضطراب العرف. (و) إبل (غير مقطورة) كأن كانت تساق (ليست محرزة في الأصح) وفي المحرر الأشبه