عليه المصنف هنا، وجرى عليه في الروضة، وإن لم يصرح الرافعي في الشرحين بترجيح. ويتفرع على الخلاف ما لو سرق خاتما وزنه دون ربع، وقيمته بالصنعة تبلغ ربعا، وقضية ترجيح الكتاب وجوب القطع في هذه الصورة لكن قال في أصل الروضة: الصحيح أنه لا يقطع مع تصحيحه في مسألة الكتاب عدم القطع. قال الأسنوي: وهذا غلط فاحش لأنه سوى بين هذه والتي قبلها في تصحيح عدم القطع ثم عقبه بقوله: والخلاف في المسألتين راجع إلى أن الاعتبار بالوزن أو بالقيمة وهو لا يستقيم. وقال البلقيني: ليس بغلط بل فقه مستقيم وإن لم يعطه كلام الرافعي. فإن الوزن في الذهب لا بد منه، وهل يعتبر معه إذا لم يكن مضروبا أن تبلغ قيمته ربع دينار مضروب؟ فيه الخلاف الذي في السبيكة فأما إذا نقص الوزن ولكن قيمته تساوي ربع دينار مضروب، فهذا يضعف فيه الاكتفاء بالقيمة فاستقام ما في الروضة، وما ذكره الرافعي فيه إلباس وكان اللائق أن ينبه عليه صاحب الروضة اه. وبذلك علم كما قال شيخنا: أنه لا بد في المسألتين من اعتبار الوزن والقيمة.
تنبيه: لو لم تعرف قيمة المسروق بالدنانير قوم بالدراهم، ثم قومت الدراهم بالدنانير قاله الدارمي، فلو لم يكن في مكان السرقة دنانير قال الزركشي: فالمتجه اعتبار القيمة في أقرب البلاد إليه، وقضية كلامهم أن سبيكة الذهب تقوم بالدنانير، وإن كان فيه تقويم ذهب بذهب خلافا للدارمي في قوله: يقوم بالدراهم ثم الدراهم بالدنانير، ويراعى في القيمة المكان والزمان لاختلافها بهما، ولو كان في البلد نقدان خالصان من الذهب وتفاوتا قيمة اعتبرت القيمة بالأغلب منهما في زمان السرقة، فإن استويا استعمالا فبأيهما يقوم؟ وجهان: أحدهما بالأدنى اعتبارا بعموم الظاهر، والثاني بالأعلى في المال دون القطع للشبهة. نقل ذلك الزركشي عن الماوردي واستحسنه وأطلق الدارمي أن الاعتبار بالأدنى، ولا يشترط علم السارق بلوغ ما يسرقه نصابا. (و) حينئذ (لو سرق دنانير ظنها فلوسا لا تساوي) أي لا تبلغ قيمتها (ربعا) من دينار (قطع) لأنه قصد سرقة عينها وهي تساوي ربعا، ولوجود الاسم، ولا عبرة بالظن البين خطؤه. فإن قيل: لو سرق من دار وهو ظنها له والمال ملكه فبان خلافه فإنه لا قطع كما قاله الغزالي ورجحه، فهلا ألحقت هذه الصورة بما في المتن كما قال به في التهذيب؟. أجيب بأن ظن الملك شبهة والحد يدرأ بها، بخلاف الفلوس فإنه قصد السرقة بخلاف ما لو سرق فلوسا ظنها دنانير، ولو لم تبلغ قيمة الفلوس نصابا فإنه لا قطع جريا مع الاسم وجودا وعدما (وكذا ثوب رث) بمثلثة فيهما قيمته دون ربع (في جيبه تمام ربع جهله) السارق يقطع به (في الأصح) لأنه أخرج نصابا من حرز على قصد السرقة. والجهل بحبس المسروق لا يؤثر كالجهل بصفته، والثاني لا يقطع نظرا إلى الجهل.
(ولو أخرج نصابا من حرز) في (مرتين) مثلا كل منهما دون نصاب بأن أخرج مرة بعضه ومرة باقيه (فإن تخلل) بينهما (علم المالك وإعادة الحرز) بأن أعاده المالك بنفسه أو مأذونه كما يؤخذ من عبارة الروضة بإغلاق بابه أو سد نقبه أو نحوه (فالاخراج الثاني سرقة أخرى) فلا قطع لأن كل واحدة منفصلة عن الأخرى ولم تبلغ نصابا (وإلا) بأن لم يتخلل علم المالك ولم يعد الحرز بأن انتفيا (قطع في الأصح) وإن اشتهر هتك الحرز خلافا للبلقيني إبقاء للحرز بالنسبة للآخذ لأنه أخرج نصابا كاملا من حرز مثله فأشبه ما إذا أخرجه دفعة واحدة لأن فعل الشخص ينبني على فعله ولهذا لو جرح شخصا ثم قتله دخل الأرش في دية النفس، ولو جرح واحد وقتل آخر لم يدخل. والثاني لا قطع لأنه أخذ النصاب من حرز مهتوك، والثالث إن اشتهر هتك الحرز بين المرتين لم يقطع وإلا قطع فلو لم يعلم المالك وأعاد الحرز غيره أو علم ولم يعده قطع كما هو مقتضى المتن. إذ المسألتان داخلتان أيضا في قوله: وإلا فإن قيل : فهلا أدخلتهما؟ قلت إنما أخرتهما تبعا للزركشي لاختصاص الخلاف المتقدم بالصورة المتقدمة. واعتمد البلقيني فيهما عدم القطع ورأي الإمام الغزالي القطع في الثانية وفي الثالثة عدم القطع أيضا.