المكره - بالفتح - غير مميز لعجمة أو غيرها، فقد سبق عن الجمهور فيما لو نقب ثم أمر غير مميز فأخرج أنه يجب القطع على الآمر فليكن هنا مثله. (ويقطع مسلم وذمي بمال مسلم و) مال (ذمي) أما قطع المسلم بمال المسلم فبإجماع، وأما قطعه بمال الذمي فعلى المشهور لأنه معصوم بذمته، وقيل لا يقطع كما لا يقتل به. وأما قطع الذمي بمال المسلم والذمي فلالتزامه الأحكام، سواء أرضي بحكمنا أم لا.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أن المسلم أو الذمي لا يقطع بمال المعاهد والمؤمن وهو كذلك كما قاله القاضي الحسين والإمام والغزالي ومن تبعهم بناء على أن المعاهد لا يقطع بمال المسلم أو الذمي، وقد ذكر الخلاف في ذلك بقوله: (وفي) سرقة (معاهد) بفتح الهاء بخطه، ويجوز كسرها، ومستأمن إذا سرق ولو لمعاهد (أقوال: أحسنها) كما في المحرر والشرح الكبير، وفي الصغير أنه الأقرب (إن شرط) عليه في عهده (قطعه بسرقة قطع) لالتزامه (وإلا فلا) يقطع لعدم التزامه (قلت: الأظهر عند الجمهور لا قطع) مطلقا (والله أعلم) وقالا في الشرح والروضة أنه الأظهر عند الأصحاب وهو نصه في أكثر كتبه لأنه لم يلتزم الأحكام فأشبه الحربي، والثالث يقطع مطلقا كالذمي، واختاره في المرشد وصححه مجلي، وخص الماوردي الخلاف بمال المسلم أو الذمي، فإن سرق مال معاهد فلا يقطع قطعا، وأما المال المسروق فيجب استرداده منه جزما إن بقي، وبدله إن تلف (وتثبت السرقة بيمين المدعي المردودة) كأن يدعي على شخص سرقة نصاب فينكل عن اليمين فترد على المدعي ويحلف فيجب القطع (في الأصح) ونقله في الروضة عن تصحيح المحرر، وسكت عليه لأن اليمين بين المردودة كالاقرار أو البينة، والقطع يجب بكل منهما فأشبه القصاص، والثاني لا يقطع بها لأن القطع في السرقة حق الله تعالى فأشبه ما لو قال: أكره أمتي على الزنا، وحلف المدعي بعد نكول المدعي عليه يثبت المهر دون حد الزنا وهذا هو المعتمد كما جزما به في الروضة وأصلها في الباب الثالث في اليمين من الدعاوى، ومشى عليه في الحاوي الصغير هنا. وقال الأذرعي: إنه المذهب والصواب الذي قطع به جمهور الأصحاب. وقال البلقيني: إنه المعتمد لنص الام، والمختصر أنه لا يثبت القطع إلا بشاهدين وإقرار السارق.
تنبيه: هذا الخلاف بالنسبة إلى القطع. أما المال فيثبت قطعا (أو بإقرار السارق) مؤاخذة له بقوله، ولا يشترط تكرار الاقرار كما في سائر الحقوق.
تنبيه: أطلق المصنف الاقرار وله شرطان: أحدهما أن يكون بعد الدعوى عليه، فإن أقر قبلها لم يثبت القطع في المال، بل يوقف على حضور المالك وطلبه كما سيأتي. ثانيهما أن يفصل الاقرار كالشهادة فيبين السرقة والمسروق منه وقدر المسروق والحرز بتعيين أو وصف بخلاف ما إذا لم يبين ذلك لأنه قد يظن غير السرقة الموجبة للقطع سرقة موجبة له وقضية كلامه أنه لا يثبت القطع بعلم القاضي، وهو كذلك بخلاف السيد فإنه يقتضي بعلمه في رقيقة كما مر في حد الزنا.
(والمذهب قبول رجوعه) عن الاقرار بالسرقة بالنسبة إلى القطع، ولو في أثنائه لأن حق الله تعالى فيسقط حد الزنا، ولو بقي من القطع بعد الرجوع ما يضر إبقاؤه قطعه هو لنفسه ولا يجب على الإمام قطعه، أما الغرم فلا لأنه حق آدمي، والطريق الثاني لا يقبل في المال، ويقبل في القطع على الأصح، والثالث يقبل في القطع لا في المال على الأصح.
فرعان: أحدهما لو أقر بسرقة ثم رجع ثم كذب رجوعه لم يقطع كما قاله الدارمي. ثانيهما: لو أقر بها ثم أقيمت عليه البينة ثم رجع، قال القاضي: سقط عنه القطع على الصحيح، لأن الثبوت كان بالاقرار اه. وتقدم نظيره في الزنا عن الماوردي والترجيح فيه، وهو إن أسند الحكم إلى البينة لا يسقط، أو إلى الاقرار قبل رجوعه.
تنبيه: لو رجع المقرين بالسرقة عن إقراره دون الآخر قطع الآخر فقط. (ومن أقر) ابتداء أو بعد دعوى (بعقوبة الله تعالى) أي بمقتضيها كالسرقة والزنا (فالصحيح أن للقاضي أن يعرض له) أي للمقر (بالرجوع) عما أقر