مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٧٥
المكره - بالفتح - غير مميز لعجمة أو غيرها، فقد سبق عن الجمهور فيما لو نقب ثم أمر غير مميز فأخرج أنه يجب القطع على الآمر فليكن هنا مثله. (ويقطع مسلم وذمي بمال مسلم و) مال (ذمي) أما قطع المسلم بمال المسلم فبإجماع، وأما قطعه بمال الذمي فعلى المشهور لأنه معصوم بذمته، وقيل لا يقطع كما لا يقتل به. وأما قطع الذمي بمال المسلم والذمي فلالتزامه الأحكام، سواء أرضي بحكمنا أم لا.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أن المسلم أو الذمي لا يقطع بمال المعاهد والمؤمن وهو كذلك كما قاله القاضي الحسين والإمام والغزالي ومن تبعهم بناء على أن المعاهد لا يقطع بمال المسلم أو الذمي، وقد ذكر الخلاف في ذلك بقوله: (وفي) سرقة (معاهد) بفتح الهاء بخطه، ويجوز كسرها، ومستأمن إذا سرق ولو لمعاهد (أقوال: أحسنها) كما في المحرر والشرح الكبير، وفي الصغير أنه الأقرب (إن شرط) عليه في عهده (قطعه بسرقة قطع) لالتزامه (وإلا فلا) يقطع لعدم التزامه (قلت: الأظهر عند الجمهور لا قطع) مطلقا (والله أعلم) وقالا في الشرح والروضة أنه الأظهر عند الأصحاب وهو نصه في أكثر كتبه لأنه لم يلتزم الأحكام فأشبه الحربي، والثالث يقطع مطلقا كالذمي، واختاره في المرشد وصححه مجلي، وخص الماوردي الخلاف بمال المسلم أو الذمي، فإن سرق مال معاهد فلا يقطع قطعا، وأما المال المسروق فيجب استرداده منه جزما إن بقي، وبدله إن تلف (وتثبت السرقة بيمين المدعي المردودة) كأن يدعي على شخص سرقة نصاب فينكل عن اليمين فترد على المدعي ويحلف فيجب القطع (في الأصح) ونقله في الروضة عن تصحيح المحرر، وسكت عليه لأن اليمين بين المردودة كالاقرار أو البينة، والقطع يجب بكل منهما فأشبه القصاص، والثاني لا يقطع بها لأن القطع في السرقة حق الله تعالى فأشبه ما لو قال: أكره أمتي على الزنا، وحلف المدعي بعد نكول المدعي عليه يثبت المهر دون حد الزنا وهذا هو المعتمد كما جزما به في الروضة وأصلها في الباب الثالث في اليمين من الدعاوى، ومشى عليه في الحاوي الصغير هنا. وقال الأذرعي: إنه المذهب والصواب الذي قطع به جمهور الأصحاب. وقال البلقيني: إنه المعتمد لنص الام، والمختصر أنه لا يثبت القطع إلا بشاهدين وإقرار السارق.
تنبيه: هذا الخلاف بالنسبة إلى القطع. أما المال فيثبت قطعا (أو بإقرار السارق) مؤاخذة له بقوله، ولا يشترط تكرار الاقرار كما في سائر الحقوق.
تنبيه: أطلق المصنف الاقرار وله شرطان: أحدهما أن يكون بعد الدعوى عليه، فإن أقر قبلها لم يثبت القطع في المال، بل يوقف على حضور المالك وطلبه كما سيأتي. ثانيهما أن يفصل الاقرار كالشهادة فيبين السرقة والمسروق منه وقدر المسروق والحرز بتعيين أو وصف بخلاف ما إذا لم يبين ذلك لأنه قد يظن غير السرقة الموجبة للقطع سرقة موجبة له وقضية كلامه أنه لا يثبت القطع بعلم القاضي، وهو كذلك بخلاف السيد فإنه يقتضي بعلمه في رقيقة كما مر في حد الزنا.
(والمذهب قبول رجوعه) عن الاقرار بالسرقة بالنسبة إلى القطع، ولو في أثنائه لأن حق الله تعالى فيسقط حد الزنا، ولو بقي من القطع بعد الرجوع ما يضر إبقاؤه قطعه هو لنفسه ولا يجب على الإمام قطعه، أما الغرم فلا لأنه حق آدمي، والطريق الثاني لا يقبل في المال، ويقبل في القطع على الأصح، والثالث يقبل في القطع لا في المال على الأصح.
فرعان: أحدهما لو أقر بسرقة ثم رجع ثم كذب رجوعه لم يقطع كما قاله الدارمي. ثانيهما: لو أقر بها ثم أقيمت عليه البينة ثم رجع، قال القاضي: سقط عنه القطع على الصحيح، لأن الثبوت كان بالاقرار اه‍. وتقدم نظيره في الزنا عن الماوردي والترجيح فيه، وهو إن أسند الحكم إلى البينة لا يسقط، أو إلى الاقرار قبل رجوعه.
تنبيه: لو رجع المقرين بالسرقة عن إقراره دون الآخر قطع الآخر فقط. (ومن أقر) ابتداء أو بعد دعوى (بعقوبة الله تعالى) أي بمقتضيها كالسرقة والزنا (فالصحيح أن للقاضي أن يعرض له) أي للمقر (بالرجوع) عما أقر
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548