تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لو صدقه لم يقطع كالمدعي، وبه صرح البغوي وغيره وقضية كلامه أيضا أنه لو سكت ولم يصدقه ولم يكذبه، أو قال لا أدري أنه لا يقطع وهو كذلك لقيام الشبهة (وإن سرق من حرز شريكه) مالا (مشتركا) بينهما (فلا قطع) به (في الأظهر وإن قل نصيبه) لأن له في جزء حقا شائعا وذلك شبهة فأشبه وطئ الجارية المشتركة. والثاني يقطع إذ لا حق له في نصيب شريكه.
تنبيه: محل الخلاف إذا خلص له من مال شريكه نصاب السرقة وإلا لم يقطع قطعا. وقضية قوله: مشتركا أنه لو سرق من مال شريكه الذي ليس بمشترك أنه يقطع وهو محمول على ما إذا اختلف حرزهما وإلا فلا. قال الماوردي: وعلى هذا أيضا يحمل إطلاق القفال القطع (الثالث) من شروط المسروق (عدم شبهة فيه) لحديث:
ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم صحح الحاكم إسناده. سواء في ذلك شبهة الملك كمن سرق مشتركا بينه وبين غيره كما مر، أو شبهة الفاعل كمن أخذ مالا على صورة السرقة يظن أنه ملكه أو ملك أصله أو فرعه أو شبهة المحل كسرقة الابن مال أصوله، أو أحد الأصول مال فرعه كما قال (فلا قطع بسرقة مال أصل) للسارق وإن علا (وفرع) له وإن سفل لما بينهما من الاتحاد وإن اختلفت ديتهما كما بحثه بعض المتأخرين، ولان مال كل منهما مرصد لحاجة الآخر، ومنها أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المال بخلاف سائر الأقارب، وسواء أكان السارق منهما حرا أو عبدا كما صرح به الزركشي تفقها مؤيدا له بما ذكروه من أنه لو وطئ الرقيق أمة فرعه لم يحد للشبهة (و) لا قطع بسرقة رقيق مال (سيد) له بالاجماع كما حكاه ابن المنذر، ولشبهة استحقاق المنفعة، ويده كيد سيده، والمبعض كالقن، وكذا المكاتب، لأنه قد يعجز فيصير كما كان.
قاعدة: من لا يقطع بمال لا يقطع به رقيقه، فكما لا يقطع الأصل بسرقة مال الفرع وبالعكس لا يقطع رقيق أحدهما بسرقة مال الآخر، ولا يقطع السيد بسرقة مال مكاتبه، ولا بمال ما ملكه المبعض ببعضه الحر كما جزم به الماوردي والشيخ أبو حامد وغيرهما، ولان ما ملكه بالحرية في الحقيقة بجميع بدنه فصار شبهة. وقيل: يقطع به كمال الشريك بعد القسمة، ويحد زان بأمة سيده، إذ لا شبهة له في بضعها.
فروع: لو سرق طعاما زمن القحط ولم يقدر عليه لم يقطع، وكذا من أذن له في الدخول إلى دار أو حانوت لشراء أو غيره فسرق كما رجحه ابن المقري، ويقطع بسرقة حطب وحشيش ونحوهما كيد لعموم الأدلة، ولا أثر لكونها مباحة الأصل، ويقطع بسرقة معرض للتلف كهريسة وفواكه، وبقول كذلك وبماء وتراب ومصحف وكتب علم شرعي وما يتعلق به، وكتب شعر نافع مباح لما مر، فإن لم يكن نافعا مباحا قوم الورق والجلد، فإن بلغ نصابا قطع وإلا فلا، ولو قطع بسرقة عين ثم سرقها ثانيا من مالكها الأول أو من غيره قطع أيضا لأن القطع عقوبة تتعلق بفعل في عين فتكرر بتكرر ذلك الفعل، كما لو زنى بامرأة فحد ثم زنى بها ثانيا، ولو سرق مال غريمه الجاحد لدينه الحال أو المماطل وأخذ بقصده الاستيفاء لم يقطع لأنه حينئذ مأذون له في أخذه وإلا قطع، وغير جنس حقه كجنس حقه في ذلك. ولا يقطع بذلك على قدر حقه أخذه معه وإن بلغ الزائد نصابا وهو مستقل لأنه إذا تمكن من الدخول والاخذ ولم يبق المال محرزا عنه. (والأظهر قطع أحد زوجين بالآخر) أي بسرقة ماله المحرز عنه لعموم الآية الاخبار.
ولان النكاح عقد على منفعة فلا يؤثر في درء الحد كالإجارة لا يسقط بها الحد عن الأجير أو المستأجر إذا سرق أحدهما من الآخر. ويفارق العبد الزوجة بأن مؤنتها على الزوج عوض كثمن المبيع ونحوه بخلاف مؤنة العبد، والثاني لا قطع على واحد منهما للشبهة فإنها تستحق عليه النفقة وهو يستحق الحجر عليها، والثالث يقطع الزوج دونها لأن لها حقوقا في ماله بخلاف وماله إليه الأذرعي.
تنبيه: محل الخلاف في الزوجة إذا لم تستحق على الزوج شيئا حين السرقة، أما إذا كانت تستحق النفقة