والكسوة في تلك الحالة. قال في المطلب: فالمتجه أنه لا قطع إذا أخذت بقصد الاستيفاء كما في حق رب الدين الحال إذا سرق نصابا من المديون اه. ومحله أخذا مما مر أن يكون جاحدا أو مماطلا، وقد يقال: لا حاجة إلى هذا إذ الكلام في السرقة والاخذ بقصد الاستيفاء ليس بسرقة، أما لو كان المال في مسكنهما بلا إحراز فلا قطع قطعا (ومن سرق) وهو مسلم (مال بيت المال، إن فرز) بفاء مضمومة وراء مهملة خفيفة مكسورة وزاي معجمة (لطائفة) كذوي القربى والمساكين وكان منهم أو أصله أو فرعه فلا قطع، أو فرز لطائفة (ليس هو منهم قطع) إذ لا شبهة له في ذلك (وإلا) بأن لم يفرز لطائف فلا، (فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال مصالح) بالنسبة لمسلم فقير جزما، أو غني على الأصح (وكصدقة وهو فقير) أو غارم لذات البين، أو غاز (فلا) يقطع في المسألتين. أما في الأولى فلان له حقا وإن كان غنيا كما مر، لأن ذلك قد يصرف في عمارة المساجد والرباطات والقناطر فينتفع بها الغني والفقير من المسلمين، لأن ذلك مخصوص بهم، بخلاف الذمي يقطع بذلك، ولا نظر إلى إنفاق الإمام عليه عند الحاجة، لأنه إنما ينفق عليه للضرورة وبشرط الضمان: كما ينفق على المضطر بشرط الضمان وانتفاعه بالقناطر والرباطات بالتبعية من حيث أنه قاطن بدار الاسلام، لا لاختصاصه بحق فيها. وأما في الثانية فلاستحقاقه، بخلاف الغني فإنه يقطع لعدم استحقاقه إلا إذا كان غازيا، أو غارما لذات البين فلا يقطع لما مر. (وإلا) بأن لم يكن له فيه حق (قطع) لانتفاء الشبهة. والثاني لا يقطع مطلقا غنيا كان أو فقيرا سرق مال الصدقة أو المصالح، لأنه مرصد للحاجة والفقير ينفق عليه منه، والغني يعطى منه ما يلزمه بسبب حمالة يتحملها. والثالث يقطع مطلقا كما في سائر الأموال.
تنبيه: من لا يقطع بسرقة مال بيت المال لا يقطع أصله أو فرعه أو رقيقه بسرقته منه، وخرج ببيت المال ما لو سرق مستحق الزكاة من مال من وجبت عليه فإنه إن كان المسروق من غير جنس ما وجبت فيه قطع، وإن كان منه وكان متعينا للصرف وقلنا بالأصح أنها تتعلق تعلق الشركة فلا قطع كالمال المشترك، قاله البغوي وصاحب الكافي.
(والمذهب) الذي قطع به الجمهور (قطعه) أي المسلم (ب) سرقة (باب مسجد وجذعه) - بإعجام الذال - وتأزيره وسواريه وسقوفه وقناديل زينة فيه، لأن الباب للتحصين، والجذع ونحوه للعمارة، ولعدم الشبهة في القناديل، ويلحق بهذا ستر الكعبة فيقطع سارقه على المذهب إن خيط عليها، لأنه حينئذ محرز (لا) بسرقة (حصره) المعدة للاستعمال ولا سائر ما يفرش فيه (و) لا (قناديل تسرج) لأن ذلك لمصلحة المسلمين فله فيه حق كمال بيت المال وخرج بالمعدة حصر الزينة فيقطع بها كما قاله ابن الملقن. وينبغي أن يكون ستر المنبر كذلك إن خيط عليه، وأن يكون بلاط المسجد لحصره المعدة للاستعمال. أما الذمي فيقطع بذلك قطعا لعدم الشبهة.
تنبيه: محل ذلك في المسجد العام، أما الخاص بطائفة فيختص القطع بغيرها بناء على أنه إذا خص المسجد بطائفة اختص بها وهو الراجح، ولو سرق شخص المصحف الموقوف على القراءة لم يقطع إذا كان قارئا، لأن له فيه حقا، وكذا إن كان غير قارئ لأنه ربما تعلم منه. قال الزركشي: أو يدفعه إلى من يقرأ فيه لاستماع الحاضرين، ولو سرق الخطيب المنبر أو المؤذن الدكة ينبغي عدم القطع ولم أر من ذكره، بل ينبغي عدم القطع لغيرهما أيضا لأن النفع لا يختص بهما، ولو سرق مسلم بكرة بئر مسبلة لم يقطع كما جزم به صاحب البحر وجرى عليه ابن المقري وإن كان مقتضى كلام الروضة القطع، لأنها لمنفعة الناس. قال صاحب البحر: وعندي أن الذمي لا يقطع بسرقتها أيضا، لأن له فيه حقا اه. وهذا هو الظاهر لما سيأتي أن الذمي لا يقطع بالأخذ من الموقوف على الأمور العامة. (والأصح قطعه بموقوف) على غيره، لأنه مال محرز سواء أقلنا الملك فيه لله تعالى أم للموقوف عليه أم للواقف، والثاني المنع لأنه إن كان لله تعالى فهو كالمباحات، وإن كان للموقوف عليه أو الواقف فلضعف الملك، أما إذا كان له فيه استحقاق