تنبيه: محل الخلاف إذا لم يقصد التغيير كما في الروضة، فإن قصد بإخراجه تيسير فلا قطع قطعا، وما إذا كان لمسلم فإن كان لذمي قطع قطعا، ويقطع بسرقة إناء النقد لأن استعماله يباح عند الضرورة إلا إن أخرجه من الحرز ليشهره بالكسر، ولو كسر إناء الخمر أو الطنبور ونحوه أو إناء النقد في الحرز ثم أخرجه قطع إن بلغ نصابا كحكم الصحيح.
(الثاني) من شروط المسروق (كونه ملكا لغيره) أي السارق فلا يقطع لسرقة ماله الذي بيد غيره وإن كان مرهونا أو مؤجرا، ولو سرق ما اشتراه من يد غيره ولو قبل تسليم الثمن أو في زمن الخيار أو سرق ما اتهب له قبل قبضه لم يقطع فيهما، والصورة الثانية واردة على قوله ملكا لغيره وعدم القطع لشبهة الملك، ولو سرق مع ما اشتراه مالا آخر بعد تسليم الثمن لم يقطع كما في الروضة، ولو سرق الموصى له به قبل موت الموصي أو بعده وقبل القبول قطع في الصورتين:
أما الأولى فلان القبول لم يقترن بالوصية، وأما في الثانية فبناء على أن الملك فيها لا يحصل بالموت. فإن قيل: قد مر أنه لا يقطع بالهبة بعد القبول وقبل القبض فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الموصى له مقصر بعدم القبول مع تمكنه منه بخلافه في الهبة فإنه قد لا يتمكن من القبض، وأيضا القبول وجد ثم، ولم يوجد هنا، ولو سرق الموصى به فقير بعد موت الموصي والوصية للفقراء لم يقطع كسرقة المال المشترك بخلاف ما لو سرقه الغني.
تنبيه: أراد المصنف كون المسروق ملك غيره حالة إخراجه بدليل قوله: (فلو ملكه) أي المسروق أو بعضه (بإرث وغيره) كشراء (قبل إخراجه من الحرز، أو) لم يملكه ولكن (نقص فيه) أي الحرز (عن نصاب بأكل) لبعضه (وغيره) كإحراق (لم يقطع) أما في الأولى فلانه ما أخرج إلا ملكه، وأما في الثانية فلانه لم يخرج من الحرز نصابا. واحترز بقوله قبل إخراجه عما لو طرأ ذلك بعده فإن القطع لا يسقط، فإن الاعتبار في العقوبة بحال الجناية، نعم لو طرأ الملك بعده وقبل الرفع إلى الحاكم لم يقطع بناء على أن استيفاء القطع يتوقف على الدعوى بالمسروق والمطالبة به وهو صحيح كما سيأتي.
تنبيه: كان الأولى ذكر المسألة الثانية في الشرط الأول، وكان المقتضى لذكرها هنا مشاركتها لما قبلها في النظر بحالة الاخراج (وكذا) لا يقطع السارق (إن ادعى ملكه) أي المسروق أو ملك بعضه (على النص) ولم يسند الملك إلا بعد السرقة وبعد الرفع إلى الحاكم وثبتت السرقة بالبينة لاحتمال صدقه فصار شبهة دارئة للقطع، ويروى عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه سماه السارق الظريف. أي الفقيه، وفي وجه أو قول مخرج يقطع لئلا يتخذ الناس ذلك ذريعة لدفع الحد وحمل النص على ما إذا أقام بينة بما ادعاه، ويجري الخلاف في دعوى ملك الحرز أو مالك السرقة إذا كان مجهول النسب، أو أنه أخذ بإذن المالك، أو أنه أخذه وهو دون نصاب، أو أنه ملك أبيه أو ملك سيده، أو كان الحرز مفتوحا، أو كان صاحبه معرضا عن الملاحظة، أو كان نائما، وخرج بدعوى الملك ما لو ادعى عدم السرقة، وقامت عليه بينة فلا يسقط القطع كما قاله ابن كج وإنما قبلت دعوى الملك في مقابلة البينة لأنه ليس فيها تكذيب البينة بخلاف نفي السرقة.
تنبيه: هذا كله بالنسبة إلى القطع. أما المال فلا يقبل قوله فيه، بل لا بد من بينة أو يمين مردودة، فإن نكل عن اليمين لم يجب القطع، ولو أقر المسروق منه أن المال المسروق ملك للسارق لم يقطع وإن كذبه السارق، ولو أقر بسرقة مال رجل فأنكر المقر له ولم يدعه يقطع لأن ما أقر به يترك في يده كما مر في الاقرار (و) على اللص (لو سرقا) أي اثنان مالا نصابين فأكثر (وادعاه) أي المسروق (أحدهما له أو لهما فكذبه الآخر لم يقطع المدعي) لما مر (وقطع الآخر في الأصح) لأنه أقر بسرقة نصاب لا شبهة له فيه، والثاني لا يقطع المكذب لدعوى رفيقه الملك له.