مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩٢
الاكراه بحق في البيع بشرط العتق. ويصح من سكران، ومن كافر ولو حربيا، ويثبت ولاؤه على عتيقه المسلم سواء أعتقه مسلما أم كافرا ثم أسلم. ولا يصح عتق موقوف لأنه غير مملوك، ولان ذلك يبطل به حق بقية البطون. وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الاجحاف. (ويصح تعليقه) بصفة محققة الوقوع وغيرها كالتدبير لما فيه من التوسعة لتحصل القربة، ويصح تعليقه بعوض أيضا. وقد يفهم من صحة تعليقه أنه لا يفسد بالشروط الفاسدة، بخلاف الوقف، وبه صرح القفال في فتاويه. قال الزركشي: ومقتضى كلام الرافعي في كتا ب الوقف أنه يفسد به وليس كذلك، قال في البسيط: وكذا وقته نفذ ولغا التوقيت اه‍. وإذا علق الاعتاق على صفة لم يملك الرجوع فيه بالقول ويملكه بالتصرف كالبيع ونحوه، وإذا باعه ثم اشتراه لم تعد الصفة، وإن علقه على صفة بعد الموت فمات السيد لم تبطل الصفة.
تنبيه: كلام المصنف قد يقتضي اعتبار إطلاق التصرف في تعليق الاعتاق، وليس مرادا، فإنه يصح تعليقه من الراهن المعسر والموسر على صفة توجد بعد الفك، أو يحتمل وجودها قبله وبعده، وكذا من مالك العبد الجاني التي تعلقت الجناية برقبته، ومن المحجور عليه بفلس أو ردة. (و) تصح (إضافته إلى جزء) معين من الرقيق كيده أو شائع منه كربعه، (فيعتق كله) سراية كنظيره في الطلاق، وسواء الموسر وغيره لما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي: أن رجلا أعتق شقصا من غلام، فذكر ذلك للنبي (ص) فأجاز عتقه وقال: ليس لله شريك. هذا إذا كان باقيه له، فإن كان باقيه لغيره فسيذكره المصنف بعد. وظاهر كلامه أن العتق يقع على الجميع دفعة، وهو أحد وجهين في الشرح والروضة بلا ترجيح. والثاني: أنه يقع على ما أعتقه ثم علي الباقي بالسراية، وهو الصحيح كما قاله الزركشي كما سبق في الطلاق، ولذا حملا كلام المصنف عليه وإن قال الدميري أصحهما يقع على الجميع دفعة واحدة، وكأنه عبر عن الكل بالبعض. ومن فوائد الخلاف أنه لو قال لرقيقه: إن دخلت الدار فإبهامك حر فقطع إبهامه ثم دخل، فإن قلنا بالتعبير عن الكل بالبعض عتق وإلا فلا. ومنها ما لو حلف لا يعتق رقيقا أعتق بعض رقيق، فإن قلنا بالتعبير عن الكل بالبعض حنث وإلا فلا.
تنبيه: أورد على المصنف ما إذا وكل وكيلا في إعتاق عبده فأعتق الوكيل نصفه فقط مثلا، فالأصح عتق ذلك النصف فقط كما صححه في أصل الروضة، لكن رجح البلقيني القطع بعتق الكل. واستشكل في المهمات عدم السراية بأن في أصل الروضة أنه لو وكل شريكه في عتق نصيبه فأعتق الشريك النصف الموكل فيه سرى إلى نصيب الموكل، قال: فإذا حكم بالسراية إلى ملك الغير في العتق الصادر من الوكيل، فلان يسري إلى ملك نفسه أولى، فكيف يستقيم الجمع بينهما انتهى. وقد يجاب بأن الوكيل قد خالف موكله فيما مر وكان القياس عدم النفوذ بالكلية، لكن لما كان الشارع متشوفا إلى العتق نفذناه فيما أعتقه الوكيل ولم تترتب السراية على ما يثبت عتقه على خلاف القياس، لأن عتق السراية قد لا يقوم مقام المباشرة فيفوت غرض الموكل، لأنه قد يوكله في عتقه عن الكفارة، فلو نفذنا عتق بعضه بالسراية لما أجزأ عن الكفارة وكان المالك يحتاج إلى نصف رقبة أخرى، بخلاف ما إذا قلنا يعتق النصف فقط، فإن النصف الآخر يمكن عتقه بالمباشرة عن الكفارة. وأما المستشكل به فقد وافق الوكيل موكله فيما أذن له فيه فكأنه أعتق ذلك البعض، وهو إذا أعتق ذلك البعض بنفسه سرى العتق إلى نصيب شريكه. والركن الثاني:
العتق، ويشترط فيه أن لا يتعلق به حق لازم غير عتق يمنع بيعه كمستولدة ومؤجر، بخلاف ما تعلق به ذلك كوقف كما مر، وكرهن على تفصيل مر بيانه. والركن الثالث: الصيغة، وهي إما لفظ صريح، وإما كناية. وقد شرع في القسم الأول فقال: (وصريحه تحرير وإعتاق) وما تصرف منها، كأنت محرر أو حررتك أو عتيق أو معتق لورودهما في القرآن والسنة منكرين. ويستوي في ألفاظهما الهازل واللاعب، لأن هزلهما جد كما رواه الترمذي وغيره. (وكذا فك رقبة) وما تصرف منه كمفكوك الرقبة صريح (في الأصح) لوروده في القرآن، والثاني هو كناية لاستعماله في العتق وغيره، فقد قيل في قوله تعالى: * (فك رقبة) * أي من الأسر، وقيل باجتناب المعاصي، وورد في
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548