تنبيه: اقتضى إطلاق المصنف أنه لا يشترط في سماع بينة صاحب اليد أن يبين سبب الملك من شراء أو غيره كإرث كبينة الخارج، وأنه لا يشترط أن يحلف مع بينته، وهو الأصح فيهما، وما ذكره من تقديم صاحب اليد لا يخالفه ما ذكراه فيما إذا ادعيا لقيطا في يد أحدهما وأقاما بينتين أنه لا يرجح صاحب اليد، لأن اللقيط لا يدخل تحت اليد، فلهذا سوى بينهما. (ولا تسمع بينته) أي الداخل (إلا بعد بينة المدعي) وهو الخارج، لأنه وقت إقامتها، لأن الأصل في جانبه اليمين فلا يعدل عنها ما دامت كافية.
تنبيه: قضية إطلاقه أن بينة الداخل تسمع مع بينة الخارج وإن لم تعدل، وهو الأصح لتعرض يده للزوال.
(ولو أزيلت يده) أي الداخل عن العين التي بيده (ببينة) أقامها الخارج وحكم له القاضي بها، (ثم أقام) الداخل (بينة بملكه) للعين التي كانت بيده (مستندا) في الغاية (إلى ما قبل إزالة يده) مع استدامته إلى وقت الدعوى، (واعتذر) عن ذلك (بغيبة شهوده) مثلا، (سمعت) بينته (وقدمت) على بينة الخارج، لأنها أزيلت لعدم الحجة، فإذا ظهرت حكم بها، بخلاف ما إذا لم تستند بينته إلى ذلك أو لم يعتذر بما ذكر أو نحوه فلا تقدم بينته، لأنه الآن مدع خارج. (وقيل لا) تسمع فلا ينقض القضاء، وإلى هذا ذهب القاضي الحسين، ونقل عنه الهروي أنه قال:
أشكلت علي هذه المسألة نيفا وعشرين سنة لما فيها من نقض الاجتهاد بالاجتهاد، وتردد فيها جوابي ثم استقر على أنه لا ينقض. (ولو) أطلق الداخل دعوى الملك وأقام بينة و (قال) أي قيد (الخارج) الدعوى بقوله: (هو ملكي اشتريته منك، فقال) الداخل: (بل) هو (ملكي، وأقاما بينتين) بذلك (قدم الخارج) أي بينته لزيادة علمها بالانتقال، وكذا لو أقام الخارج بينة أن المدعى به ملكه غصبه منه الداخل أو أودعه عنده أو أجره له وأقام الداخل بينة أنه ملكه فإنه تقدم بينة الخارج على الأصح. وعكس المتن، وهو لو قال الداخل: هو ملكي اشتريته منك وأقام كل بينة قدم الداخل، وكذا لو قال الخارج: هو ملكي ورثته من أبي، وقال الداخلي: هو ملكي اشتريته من أبيك.
فروع: لو قال كل منهما لصاحبه: اشتريته منك، وأقام بذلك بينة وخفي التاريخ قدم الداخل، ولو تداعيا بعيرا لأحدهما عليه متاع فالقول قول صاحب المتاع بيمينه لانفراده بالانتفاع، بخلاف ما لو تداعيا عبدا لأحدهما عليه ثوب لم يحكم له بالعبد، لأن كون حمله على البعير انتفاع به قيده عليه، والمنفعة في لبس الثوب للعبد لا لصاحب الثوب فلا يد له. ولو تداعيا جارية حاملا واتفقا على أن الحمل لأحدهما، قال البغوي: فهي لصاحب الحمل. (ومن أقر لغيره بشئ) حقيقة أو حكما، (ثم ادعاه) لنفسه، (لم تسمع) دعواه به (إلا أن يذكر انتقالا) من المقر له، لأن المكلف مؤاخذ بإقراره في المستقبل، بدليل أن من أقر أمس بشئ يطالب به اليوم، ولولا ذلك لم يكن في الاقرار كبير فائدة، وإذا كان كذلك فيستصحب ما أقر به إلى أن يثبت الانتقال. وهل يكفي في دعوى الانتقال أن يقول: انتقل إلي بسبب صحيح أو لا بد من بيان السبب؟ قال ابن شهبة: ينبغي أن يفصل في سماعها بين الفقيه الموافق للقاضي وبين غيره كما ذكروه في الاخبار بتنجس الماء.
تنبيه: لو قال: وهبته له وملكه لم يكن إقرارا بلزوم الهبة لجواز اعتقاده لزومها بالعقد، ذكره في الروضة كأصلها.
ولو باع شيئا ثم ادعى أنه وقف لم تسمع بينته كما في الروضة وأصلها عن القفال وغيره. (ومن أخذ منه مال ببينة) قامت عليه به ثم (ادعاه لم يشترط) في دعواه (ذكر الانتقال) من المدعى عليه إليه (في الأصح) لأنه قد يكون له