مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤١٩
تقبل شهادته لاستفيد منه اشتراط السمع والبصر والنطق والضبط، إذ لا بد فيه من ذلك. (يعلم المساحة) بكسر الميم من مسح الأرض ذرعها. وعلم المساحة يغني عن قوله: (والحساب) لاستدعائها له من غير عكس. وإنما شرط علمهما لأنهما آلة القسمة كما أن الفقه آلة القضاء، واعتبر الماوردي وغيره مع ذلك أن يكون عفيفا عن الطمع، واقتضاه كلام الام. وهل يشترط فيه معرفة التقويم أو لا؟ وجهان، أوجههما الثاني كما جرى عليه ابن المقري، وقال الأسنوي: جزم باستحبابه القاضيان البندنيجي و أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهم، وحينئذ فإن لم يكن عارفا رجع إلى إخبار عدلين عند الحاجة إلى ذلك. واعتمد البلقيني الأول في قسمتي التعديل والرد دون قسمة الاجزاء.
تنبيه: أفهم قول المصنف: منصوبه أنه لا يشترط ذلك في منصوب الشركاء، وهو كذلك لأنه وكيل عنهم كما مر، لكن يشترط فيه التكليف إلا أن يكون فيهم محجور عليه فتعتبر فيه العدالة أيضا، ومحكمهم كمنصوب الإمام. (فإن كان فيها) أي القسمة (تقويم) هو مصدر قوم السلعة: قدر قيمتها، (وجب قاسمان) لاشتراط العدد في المقوم، لأن التقويم شهادة بالقيمة. (وإلا) بأن لم يكن فيها تقويم (فقاسم) واحد في الأظهر. (وفي قول) من طريق (اثنان) كالمقومين. ومأخذ الوجهين أنه حاكم أو شاهد، والراجح الأول لأن قسمته تلزم بنفس قوله، ولأنه يستوفي الحقوق لأهلها. ورجح البلقيني الثاني، وقال: لم نجد نصا صريحا يخالفه.
تنبيه: محل الخلاف في منصوب الإمام، فلو فوض الشركاء القسمة إلى واحد غيرهم بالتراضي جاز قطعا كما في أصل الروضة، وظاهر كلام المصنف أنه يكفي واحد وإن كان فيها خرص، وهو الأصح، وإن قال الإمام القياس أنه لا بد من اثنين كالتقويم، لأن الخارص يجتهد ويعمل باجتهاده فكان كالحاكم، والمقوم يخبر بقيمة الشئ فهو كالشاهد. ولا يحتاج القاسم إلى لفظ الشهادة وإن وجب تعدده لأنها تستند إلى عمل محسوس. (وللإمام جعل القاسم حاكما في التقويم) بأن يفوض له سماع البينة فيه وأن يحكم به، (فيعمل فيه بعدلين) أي بقولهما، (ويقسم) بنفسه. وللقاضي الحكم في التقويم بعلمه كما هو الأصح في أصل الروضة، وإن اقتضى كلام المصنف خلافه. (ويجعل الإمام رزق منصوبه) إن لم يتبرع (من بيت المال) وجوبا إذا كان فيه سعة كما هو مقتضى كلام الرافعي، ويكون من سهم المصالح لأنه من المصالح العامة، وحكى الماوردي عن علي رضي الله عنه فعل ذلك، ولا يزاد على أجرة مثله كما صرح به الدارمي. (فإن لم يكن) في بيت المال شئ أو كان مصرف أهم من ذلك أو لم يف، (فأجرته على الشركاء) إن طلب القسمة جميعهم أو بعضهم لأن العمل لهم، وقيل: هي على الطالب وحده، وليس للإمام حينئذ نصب قاسم معين، بل يدع الناس يستأجرون من شاءوا لئلا يغالي المعين في الأجرة أو يواطئه بعضهم فيحيف، كذا في أصل الروضة فيحتمل أنه حرام كما قاله القاضي حسين وأنه مكروه كما قاله الفوراني، والأول أوجه. (فإن استأجروه وسمى كل) منهم (قدرا لزمه) سواء تساووا فيه أم تفاضلوا، وسواء كان مساويا بالأجرة مثل حصته أم لا، وليستأجروا بعقد واحد كأن يقولوا: استأجرناك لتقسم بيننا كذا بدينار على فلان ودينارين على فلان، أو يوكلوا من يعقد لهم كذلك. فلو انفرد كل منهم بعقد لافراز نصيبه وترتبوا كما قالاه أو لم يترتبوا كما بحثه شيخنا صح إن رضي الباقون، بل يصح أن يعقد أحدهم ويكون حينئذ أصيلا ووكيلا، ولا حاجة حينئذ إلى عقد الباقين.
فإن لم يرضوا لم يصح كما قاله ابن المقري وصاحب الأنوار، وهو الظاهر، لأن ذلك يقتضي التصرف في ملك غيره بغير إذنه. نعم لهم ذلك في قسمة الاجبار بأمر الحاكم، وقيل: يصح وإن لم يرض الباقون، لأن كلا عقد لنفسه، قال في الكفاية: وبه جزم الماوردي وغيره، وعليه نص الشافعي. (وإلا) بأن سموا أجرة مطلقة في إجارة صحيحة أو فاسدة، (فالأجرة موزعة على) قدر (الحصص) المأخوذة، لأنها من مؤن الملك كنفقة المشترك. (وفي قول) من طريق
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548