مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٠٨
ويحتاج معها إلى اليمين، ولا يشترط في يمين الاستظهار التعرض لصدق الشهود بخلاف اليمين مع الشاهد لكمال الحجة هنا كما صرح به في أصل الروضة. وأفهم قول المصنف أن يحلفه بعد البينة أنه لا ينفذ الحكم عليه قبل التحليف، وهو مقتضى كلام الأصحاب. وأفهم اقتصاره في الحال الصبي والمجنون بالغائب في الحلف أن المدعي على المتوارى أو المتعزز لا يحلف بعد البينة، وسيأتي الكلام عليه في الفصل الآتي.
فروع: لو قدم الغائب أو كمل الناقض فهو على حجته من قادح في البينة أو معارضة بينته بالأداء أو الابراء شرط ذلك في الحكم أم لا. ولو ادعى قيم لموليه شيئا وأقام بينة على قيم شخص آخر فمقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له ليحلف ثم يحكم له، وإن خالفهما السبكي، وقال الوجه: أنه يحكم له ولا ينتظر كماله، لأنه قد يترتب على الانتظار ضياع الحق. ولا تسمع الدعوى والبينة على الغائب بإسقاط حق له، لأن الدعوى بذلك والبينة لا تسمع إلا بعد المطالبة بالحق، قال ابن الصلاح: وطريقه في ذلك أن يدعي على إنسان أن رب الدين أحاله به فيعترف المدعى عليه بالدين لربه وبالحوالة ويدعي أنه برأه منه أو أقبضه فتسمع الدعوى بذلك والبينة وإن كان رب الدين حاضرا بالبلد. (ولو ادعى وكيل) عن غائب بحق (على غائب) عن البلد وأقام البينة وقلنا كما سبق بوجوب التحليف بعدها، (فلا تحليف) على الوكيل، بل يحكم بالبينة ويعطي المال المدعى به وإن كان للمدعى عليه هناك مال، لأن الوكيل لا يحلف يمين الاستظهار بحال، لأن الشخص لا يستحق بيمين غيره، ولو وقفنا الامر إلى أن يحضر الموكل لانجر الامر إلى تعذر استيفاء الحقوق بالوكالة. وأفهم كلام الروض كأصله أنه لا يعطيه إن لم يكن هناك مال، والمتجه كما قال التاج السبكي خلافه إن كان المال في محل عمله، وقد يحمل قوله هناك على محل ولايته فيزول الاشكال. ثم أشار المصنف لمسألة مستأنفة ليست من هذا الباب ولا تعلق لها بما قبلها، وإن أوهم كلامه خلافه، فقال: (ولو حضر) أي كان (المدعى عليه) حاضرا فادعى عليه وكيل شخص غائب بحق، (و) أقام البينة عليه، ثم (قال لوكيل المدعي أبرأني موكلك) الغائب عما ادعيته على (أمر) المدعى عليه (بالتسليم) للحق المدعى به للوكيل، ولا يؤخر الحق إلى حضور الموكل الغائب، لأنه يؤدي إلى تعذر استيفاء الحقوق بالوكلاء. ويمن ثبوت الابراء بعد ذلك إن كان له حجة. وكذا لو ادعى قيم الصبي دينا للصبي، فقال المدعى عليه إنه أتلف علي من جنس ما يدعيه ما هو قضاء لدينه، لم ينفعه في تأخير قضاء ما أثبته القيم، بل يقتضيه في الحال، وإذا بلغ الصبي عاقلا حلفه على نفي ما ادعاه من الاتلاف. فإن قيل: هذا يشكل على ما مر من أن مقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له. أجيب بأن صورة المسألة هنا أن قيم الصبي ادعى دينا له على حاضر رشيد اعترف به، ولكن ادعى وجود مسقط صدر من الصبي وهو إتلافه فلا يؤخر الاستيفاء لليمين المتوجهة على الصبي بعد بلوغه وما مر فيما إذا أقام قيم الطفل بينة وقلنا بوجوب التحليف فينظر، لأن البينة على الطفل ومن في معناه من غائب ومجنون لا يعمل بها حتى يحلف مقيمها على المسقطات التي يتصور دعواها من الغائب ومن في معناه فلم تتم الحجة التي يعمل بها فإنه لا يعمل بالبينة وحدها، بل لا بد من البينة واليمين.
تنبيه: لو سأل المدعى عليه تحليف الوكيل الذي ادعى عليه أنه لم يعلم أن موكله أبرأه من الحق أجيب إليه، قاله الشيخ أبو حامد وغيره. فإن قيل: هذا يخالف ما سبق من أن الوكيل لا يحلف. أجيب بأنه لا يلزم من تحليفه هنا تحليفه ثم، لأن تحليفه هنا إنما جاء من جهة دعوى صحيحة يقتضي اعترافه بها سقوط مطالبته لخروجه باعترافه فيها عن الوكالة في الخصومة، بخلاف يمين الاستظهار فإن حاصلها أن المال ثابت في ذمة الغائب أو الميت، وهذا لا يتأتى من الوكيل، وفي معنى الابراء دعوى علمه بالوفاء ونحوه.
فروع: لو قال شخص لآخر: أنت وكيل فلان الغائب ولي عليه كذا وادعى عليك وأقيم به بينة، فأنكر الوكالة أو قال: لا أعلم إني وكيل، لم تقم عليه بينة بأنه وكيله، لأن الوكالة حق له فكيف تقام بينة بها قبل دعواه. وإذا علم أنه
(٤٠٨)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548