ويحتاج معها إلى اليمين، ولا يشترط في يمين الاستظهار التعرض لصدق الشهود بخلاف اليمين مع الشاهد لكمال الحجة هنا كما صرح به في أصل الروضة. وأفهم قول المصنف أن يحلفه بعد البينة أنه لا ينفذ الحكم عليه قبل التحليف، وهو مقتضى كلام الأصحاب. وأفهم اقتصاره في الحال الصبي والمجنون بالغائب في الحلف أن المدعي على المتوارى أو المتعزز لا يحلف بعد البينة، وسيأتي الكلام عليه في الفصل الآتي.
فروع: لو قدم الغائب أو كمل الناقض فهو على حجته من قادح في البينة أو معارضة بينته بالأداء أو الابراء شرط ذلك في الحكم أم لا. ولو ادعى قيم لموليه شيئا وأقام بينة على قيم شخص آخر فمقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له ليحلف ثم يحكم له، وإن خالفهما السبكي، وقال الوجه: أنه يحكم له ولا ينتظر كماله، لأنه قد يترتب على الانتظار ضياع الحق. ولا تسمع الدعوى والبينة على الغائب بإسقاط حق له، لأن الدعوى بذلك والبينة لا تسمع إلا بعد المطالبة بالحق، قال ابن الصلاح: وطريقه في ذلك أن يدعي على إنسان أن رب الدين أحاله به فيعترف المدعى عليه بالدين لربه وبالحوالة ويدعي أنه برأه منه أو أقبضه فتسمع الدعوى بذلك والبينة وإن كان رب الدين حاضرا بالبلد. (ولو ادعى وكيل) عن غائب بحق (على غائب) عن البلد وأقام البينة وقلنا كما سبق بوجوب التحليف بعدها، (فلا تحليف) على الوكيل، بل يحكم بالبينة ويعطي المال المدعى به وإن كان للمدعى عليه هناك مال، لأن الوكيل لا يحلف يمين الاستظهار بحال، لأن الشخص لا يستحق بيمين غيره، ولو وقفنا الامر إلى أن يحضر الموكل لانجر الامر إلى تعذر استيفاء الحقوق بالوكالة. وأفهم كلام الروض كأصله أنه لا يعطيه إن لم يكن هناك مال، والمتجه كما قال التاج السبكي خلافه إن كان المال في محل عمله، وقد يحمل قوله هناك على محل ولايته فيزول الاشكال. ثم أشار المصنف لمسألة مستأنفة ليست من هذا الباب ولا تعلق لها بما قبلها، وإن أوهم كلامه خلافه، فقال: (ولو حضر) أي كان (المدعى عليه) حاضرا فادعى عليه وكيل شخص غائب بحق، (و) أقام البينة عليه، ثم (قال لوكيل المدعي أبرأني موكلك) الغائب عما ادعيته على (أمر) المدعى عليه (بالتسليم) للحق المدعى به للوكيل، ولا يؤخر الحق إلى حضور الموكل الغائب، لأنه يؤدي إلى تعذر استيفاء الحقوق بالوكلاء. ويمن ثبوت الابراء بعد ذلك إن كان له حجة. وكذا لو ادعى قيم الصبي دينا للصبي، فقال المدعى عليه إنه أتلف علي من جنس ما يدعيه ما هو قضاء لدينه، لم ينفعه في تأخير قضاء ما أثبته القيم، بل يقتضيه في الحال، وإذا بلغ الصبي عاقلا حلفه على نفي ما ادعاه من الاتلاف. فإن قيل: هذا يشكل على ما مر من أن مقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له. أجيب بأن صورة المسألة هنا أن قيم الصبي ادعى دينا له على حاضر رشيد اعترف به، ولكن ادعى وجود مسقط صدر من الصبي وهو إتلافه فلا يؤخر الاستيفاء لليمين المتوجهة على الصبي بعد بلوغه وما مر فيما إذا أقام قيم الطفل بينة وقلنا بوجوب التحليف فينظر، لأن البينة على الطفل ومن في معناه من غائب ومجنون لا يعمل بها حتى يحلف مقيمها على المسقطات التي يتصور دعواها من الغائب ومن في معناه فلم تتم الحجة التي يعمل بها فإنه لا يعمل بالبينة وحدها، بل لا بد من البينة واليمين.
تنبيه: لو سأل المدعى عليه تحليف الوكيل الذي ادعى عليه أنه لم يعلم أن موكله أبرأه من الحق أجيب إليه، قاله الشيخ أبو حامد وغيره. فإن قيل: هذا يخالف ما سبق من أن الوكيل لا يحلف. أجيب بأنه لا يلزم من تحليفه هنا تحليفه ثم، لأن تحليفه هنا إنما جاء من جهة دعوى صحيحة يقتضي اعترافه بها سقوط مطالبته لخروجه باعترافه فيها عن الوكالة في الخصومة، بخلاف يمين الاستظهار فإن حاصلها أن المال ثابت في ذمة الغائب أو الميت، وهذا لا يتأتى من الوكيل، وفي معنى الابراء دعوى علمه بالوفاء ونحوه.
فروع: لو قال شخص لآخر: أنت وكيل فلان الغائب ولي عليه كذا وادعى عليك وأقيم به بينة، فأنكر الوكالة أو قال: لا أعلم إني وكيل، لم تقم عليه بينة بأنه وكيله، لأن الوكالة حق له فكيف تقام بينة بها قبل دعواه. وإذا علم أنه