مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٣٧
والرأفة في الطحال. (والأصح تناوله) أي اللحم (لحم رأس ولسان) لصدق الاسم عليهما، والثاني لا، لأنه لا يطلق عليهما إلا مضافا، فيقال لحم رأس ولحم لسان، ويجري الخلاف في لحم الخد والأكارع، وينبغي أن يكون الآذان كذلك، وأما الجلد فلا يحنث به الحالف، لا يأكل لحما لأنه لا يؤكل غالبا لأنه جنس غير اللحم كما ذكره الرافعي في الربا (و) يتناول اللحم أيضا (شحم ظهر وجنب) وهو الأبيض الذي لا يخالطه لحم أحمر لأنه لحم سمين، ولهذا يحمر عند الهزال، والثاني المنع نظرا إلى اسم الشحم قال تعالى * (حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما) * أي ما علق بها منه فسماه شحما، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك (و) الأصح (أن شحم الظهر) فيمن حلف لا يأكل شحما (لا يتناوله الشحم) لما مر أنه لحم، والثاني يتناوله لما مر أيضا أنه شحم. أما شحم البطن فيحنث به جزما (و) الأصح، وعبر في الروضة بالصحيح (أن الالية) بفتح الهمزة (والسنام) بفتح السين (ليسا) أي كل منهما (شحما ولا لحما) لأنهما يخالفان كلا منهما في الاسم والصفة، فإذا حلف لا يأكل اللحم أو الشحم لا يحنث بهما (والالية لا تتناول سناما، و) السنام (لا يتناولها) لاختلاف الاسم والصفة، وهذا لا خلاف فيه كما اقتضاه كلام الرافعي وغيره، وعلى هذا فنقرأ الالية بالرفع على أنها مبتدأ، ولا يصح أن تكون معطوفة على ما قبلها من مسائل الخلاف (والدسم) وهو الودك (يتناولهما) أي الالية والسنام (و) يتناول (شحم ظهر وبطن وكل دهن) لصدق الاسم على جميع ذلك.
تنبيه: قيد بعضهم الدهن بكونه يؤكل عادة ليخرج ما لا يؤكل عادة كدهن خروع أو شرعا كدهن ميتة وهو حسن. فإن قيل: كيف أدخل المصنف شحم الظهر في الدسم مع أنه عنده لحم وهو لا يدخل في الدسم؟ أجيب بأنه لما صار سمينا صار يطلق عليه اسم الدسم، وإن لم يطلق الدسم على كل لحم، وخرج بالدهن أصوله كالسمسم والجوز واللوز.
فإن قيل: لم لم يذكر المصنف اللبن في الدسم مع أنه ثبت في الصحيح أنه (ص) شرب لبنا ثم تمضمض، وقال: إن له دسما. أجيب بأنه لم يقل إنه دسم. فإن قيل: قد أكل منه الدسم. أجيب بأنه مستهلك ولا يحنث بدهن السمسم من حلف لا يأكل دهنا كما قاله البغوي، وفي معناه دهن جوز ولوز ونحوهما. (ولحم البقر يتناول جاموسا) فيحنث بأكله من حلف لا يأكل لحم بقر لدخوله تحت اسم البقر، ولهذا جعلوهما في باب الربا جنسا واحدا، ويدخل فيه بقر الوحش في الأصح لصدق الاسم عليه، بخلاف ما لو حلف لا يركب حمارا فركب حمارا وحشيا لا يحنث لأن المعهود للركوب الحمار الأهلي بخلاف الاكل، قاله الرافعي. وقياس ما قالوه هنا تناول الغنم للمعز لما مر.
فروع: لو حلف لا يأكل ميتة لم يحنث بمذكاة ولا بسمك وجراد كما لو حلف لا يأكل دما فأكل كبدا أو طحالا، ولو حلف لا يأكل لبنا فأكل شيرازا وهو - بكسر الشين المعجمة - لبن يغلى فيسخن جدا ويصير فيه حموضة أو دوغا وهو - بضم الدال وإسكان الواو وبالغين المعجمة - لبن ثخين نزع زبده وذهبت مائيته أو ماشتا وهو - بشين معجمة وتاء مثناة فوقية - لبن ضأن مخلوط بلبن، حنث لصدق اسم اللبن على ذلك وسواء أكان من نعم أو من صيد. قال الروياني:
أو آدمي أو خيل بخلاف ما لو أكل لوزا وهو - بضم اللام وإسكان الواو وبالزاي - شئ بين الجبن واللبن الجامد نحو الذي يسمونه في بلاد مصر قريشة أو مصلا، وهو - بفتح الميم - شئ يتخذ من ماء اللبن لأنهم إذا أرادوا أقطا أو غيره جعلوا اللبن في وعاء من صوف أو خوص أو كرباس ونحوه فينز ماؤه فهو المصل، أو جبنا، وتقدم ضبطه في باب السلم أو كشكا وهو بفتح الكاف معروف، أو أقطا أو سمنا، إذ لا يصدق على ذلك اسم اللبن، وأما الزبد فإن ظهر فيه لبن فله حكمه وإلا فلا، وكذا القشطة كما بحثه شيخنا، والسمن والزبد والدهن متغايرة، فالحالف على شئ منها لا يحنث بالباقي للاختلاف في الاسم والصفة، ولو حلف على الزبد والسمن لا يحنث باللبن، ولو حلف لا يأكل اللبأ، وهو أول اللبن
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548