والرأفة في الطحال. (والأصح تناوله) أي اللحم (لحم رأس ولسان) لصدق الاسم عليهما، والثاني لا، لأنه لا يطلق عليهما إلا مضافا، فيقال لحم رأس ولحم لسان، ويجري الخلاف في لحم الخد والأكارع، وينبغي أن يكون الآذان كذلك، وأما الجلد فلا يحنث به الحالف، لا يأكل لحما لأنه لا يؤكل غالبا لأنه جنس غير اللحم كما ذكره الرافعي في الربا (و) يتناول اللحم أيضا (شحم ظهر وجنب) وهو الأبيض الذي لا يخالطه لحم أحمر لأنه لحم سمين، ولهذا يحمر عند الهزال، والثاني المنع نظرا إلى اسم الشحم قال تعالى * (حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما) * أي ما علق بها منه فسماه شحما، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك (و) الأصح (أن شحم الظهر) فيمن حلف لا يأكل شحما (لا يتناوله الشحم) لما مر أنه لحم، والثاني يتناوله لما مر أيضا أنه شحم. أما شحم البطن فيحنث به جزما (و) الأصح، وعبر في الروضة بالصحيح (أن الالية) بفتح الهمزة (والسنام) بفتح السين (ليسا) أي كل منهما (شحما ولا لحما) لأنهما يخالفان كلا منهما في الاسم والصفة، فإذا حلف لا يأكل اللحم أو الشحم لا يحنث بهما (والالية لا تتناول سناما، و) السنام (لا يتناولها) لاختلاف الاسم والصفة، وهذا لا خلاف فيه كما اقتضاه كلام الرافعي وغيره، وعلى هذا فنقرأ الالية بالرفع على أنها مبتدأ، ولا يصح أن تكون معطوفة على ما قبلها من مسائل الخلاف (والدسم) وهو الودك (يتناولهما) أي الالية والسنام (و) يتناول (شحم ظهر وبطن وكل دهن) لصدق الاسم على جميع ذلك.
تنبيه: قيد بعضهم الدهن بكونه يؤكل عادة ليخرج ما لا يؤكل عادة كدهن خروع أو شرعا كدهن ميتة وهو حسن. فإن قيل: كيف أدخل المصنف شحم الظهر في الدسم مع أنه عنده لحم وهو لا يدخل في الدسم؟ أجيب بأنه لما صار سمينا صار يطلق عليه اسم الدسم، وإن لم يطلق الدسم على كل لحم، وخرج بالدهن أصوله كالسمسم والجوز واللوز.
فإن قيل: لم لم يذكر المصنف اللبن في الدسم مع أنه ثبت في الصحيح أنه (ص) شرب لبنا ثم تمضمض، وقال: إن له دسما. أجيب بأنه لم يقل إنه دسم. فإن قيل: قد أكل منه الدسم. أجيب بأنه مستهلك ولا يحنث بدهن السمسم من حلف لا يأكل دهنا كما قاله البغوي، وفي معناه دهن جوز ولوز ونحوهما. (ولحم البقر يتناول جاموسا) فيحنث بأكله من حلف لا يأكل لحم بقر لدخوله تحت اسم البقر، ولهذا جعلوهما في باب الربا جنسا واحدا، ويدخل فيه بقر الوحش في الأصح لصدق الاسم عليه، بخلاف ما لو حلف لا يركب حمارا فركب حمارا وحشيا لا يحنث لأن المعهود للركوب الحمار الأهلي بخلاف الاكل، قاله الرافعي. وقياس ما قالوه هنا تناول الغنم للمعز لما مر.
فروع: لو حلف لا يأكل ميتة لم يحنث بمذكاة ولا بسمك وجراد كما لو حلف لا يأكل دما فأكل كبدا أو طحالا، ولو حلف لا يأكل لبنا فأكل شيرازا وهو - بكسر الشين المعجمة - لبن يغلى فيسخن جدا ويصير فيه حموضة أو دوغا وهو - بضم الدال وإسكان الواو وبالغين المعجمة - لبن ثخين نزع زبده وذهبت مائيته أو ماشتا وهو - بشين معجمة وتاء مثناة فوقية - لبن ضأن مخلوط بلبن، حنث لصدق اسم اللبن على ذلك وسواء أكان من نعم أو من صيد. قال الروياني:
أو آدمي أو خيل بخلاف ما لو أكل لوزا وهو - بضم اللام وإسكان الواو وبالزاي - شئ بين الجبن واللبن الجامد نحو الذي يسمونه في بلاد مصر قريشة أو مصلا، وهو - بفتح الميم - شئ يتخذ من ماء اللبن لأنهم إذا أرادوا أقطا أو غيره جعلوا اللبن في وعاء من صوف أو خوص أو كرباس ونحوه فينز ماؤه فهو المصل، أو جبنا، وتقدم ضبطه في باب السلم أو كشكا وهو بفتح الكاف معروف، أو أقطا أو سمنا، إذ لا يصدق على ذلك اسم اللبن، وأما الزبد فإن ظهر فيه لبن فله حكمه وإلا فلا، وكذا القشطة كما بحثه شيخنا، والسمن والزبد والدهن متغايرة، فالحالف على شئ منها لا يحنث بالباقي للاختلاف في الاسم والصفة، ولو حلف على الزبد والسمن لا يحنث باللبن، ولو حلف لا يأكل اللبأ، وهو أول اللبن