تأثر البشرة بالضرب، لقوله تعالى: * (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) * فإن الضغط هو الشماريخ القائمة على الساق، ويسمى العثكال، وهذا وإن كان شرع من قبلنا، فقد ورد في شرعنا تقريره في قصة الزاني الضعيف كما قدمناها في باب الزنا وفي ذلك خلاف، هل هو شرع لنا أو لا؟ وقدمت الكلام على ذلك في باب الجعالة وغيره.
تنبيه: اقتضى كلامه أنه يبر في قوله مائة سوط بالعثكال، وصوبه الأسنوي، ولكن الأصح كما في الروضة كأصلها أنه لا يبر بذلك لأنه لا يسمى سياطا، وإنما يبر بسياط مجموعة بشرط علمه إصابتها بدنه على ما مر، واقتضى كلامه أيضا أن تراكم بعضها على بعض مع الشد كيف كان يحصل به ألم الثقل؟ ولكن صوره الشيخ أبو حامد والماوردي وغيرهما: بأن تكون مشدودة الأسفل محلولة الاعلى واستحسن. (قلت: ولو شك في إصابة الجميع بر على النص، والله أعلم) عملا بالظاهر وهو الإصابة لاطلاق الآية، ولكن الورع أن يكفر عن يمينه لاحتمال تخلف بعضها، وفرقوا بينه وبين ما لو حلف ليدخلن الدار اليوم إلا أن يشاء زيد فلم يدخل ومات زيد ولم تعلم مشيئته حيث يحنث على النص بأن الضرب سبب ظاهر في الانكباس. والمشيئة لا أمارة عليها، والأصل عدمها، وخرج قول كل منهما في الآخر.
تنبيه: الشك هنا مستعمل في حقيقته وهو استواء الطرفين، فإن ترجح عدم إصابة الكل فمقتضى كلام الأصحاب كما في المهمات عدم البر. (أو) حلف (ليضربنه مائة مرة لم يبر بهذا) المذكور من المائة المشدودة ومن العثكال لأنه جعل العدد للضربات، وكذا لو قال: مائة ضربة على الأصح لأن الجميع يسمى ضربة واحدة، وهل يشترط التوالي في ذلك أو لا، وظاهر كلام الإمام الأول، وابن الصلاح الثاني، وهو أوجه (أو) قال لغريمه والله (لا أفارقك حتى استوفي) حقي منك (فهرب) منه غريمه (ولم يمكنه اتباعه) لمرض أو غيره (لم يحنث) لعذره بخلاف ما إذا أمكنه ولم يتبعه (قلت: الصحيح) أخذا من الرافعي في الشرح (لا يحنث إذا أمكنه اتباعه) ولم يتبعه وإن أذن له (والله أعلم) لأنه حلف على فعل نفسه فلا يحنث بفعل غيره، والمراد بالمفارقة ما يقطع خيار المجلس، ووجه مقابله أنه بالمقام مفارق (وإن فارقه) الحالف مختارا ذاكرا لليمين (أو) لم يفارقه بل (وقف حتى ذهب) غريمه (وكانا ماشيين) وهذه مزيدة على المحرر (أو أبرأه) الحالف من الحق (أو احتال) به (على غريم) للغريم أو أحال هو به على غريمه (ثم فارقه، أو أفلس) أي ظهر أن غريمه مفلس (ففارقه ليوسر) وفي المحرر إلى أن يوسر (حنث) في المسائل الخمس لوجود المفارقة في الأوليين ولتفويته في الثالثة البر باختياره، وفي الرابعة والخامسة الحوالة. وإن قلنا هي استيفاء فليست استيفاء حقيقة، وإنما هي كالاستيفاء في الحكم اللهم إلا أن ينوي أن لا يفارقه وذمته مشغولة بحقه، فحينئذ ينبغي الامر على ما قصده ولا يحنث قاله المتولي، وأما في الأخيرة فلوجود المفارقة، وإن كان تركه واجبا كما لو حلف لا يصلي الفرض فصلى. فإنه يحنث وإن كانت الصلاة واجبة، فإن ألزمه الحاكم بمفارقتها فعلى قولي المكره والأصح لا حنث. واحترز بقوله وكانا ماشيين عما إذا كانا ساكنين وابتدأ الغريم بالمشي فلا يحنث.
لأن الحادث المشي وهو فعل الغريم.
تنبيه: لو استوفى من وكيل غريمه أو من متبرع به وفارقه حنث إن كان قال منك وإلا فلا حنث. فإن قال:
لا تفارقني حتى أستوفي منك حقي، أو حتى توفيني حقي ففارقه الغريم عالما مختارا حنث الحالف وإن لم يختر فراقه لأن اليمين على فعل الغريم وهو مختار في المفارقة فإن نسي الغريم الحلف أو أكره على المفارقة ففارق فلا حنث إن كان