فأصحاب القرى لا يعدون الخيام بيوتا، ولم يفرق بين القروي والبدوي، وأجاب عنه الرافعي في آخر الباب بأنه يتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها وهو الأصل، وتارة يتبع العرف إذا اشتهر واطرد وذكر الشيخ عز الدين نحوه، فقال: قاعدة الايمان البناء على العرف إذا لم يضطرب، فإذا اضطرب فالرجوع إلى اللغة اه. ولو اقتصر المصنف على صيد لشمل رأس سمك وطير، فإن كل منهما صيد، ويجوز في طير وما بعده الرفع أيضا، ويقال لبياع الرؤوس رآس، والعامة يقولون رواس. (والبيض) جمع بيضة (يحمل) فيمن حلف لا يأكل بيضا (على) بيض (مزايل) أي مفارق (بائضه في الحياة كدجاج) - بتثليث الدال - أي بيضة وبيض إوز وبط (ونعامة وحمام) وعصافير ونحوها، لأنه المفهوم عند الاطلاق.
تنبيه: قضية تمثيله التخصيص ببيض المأكول، وبه صرح صاحب الكافي، فقال: ولا يحنث ببيض ما لا يؤكل، والأصح كما في المجموع حل أكله بلا خلاف، إذا قلنا بطهارته لأنه طاهر غير مستقذر، وإن نازع في ذلك البلقيني، وقول المصنف: على مزايل بائضه أي ما شأنه ذلك لا المزايلة الحقيقية، فإنه لو خرج من الدجاجة بعد موتها بيض متصلب حنث به على الأصح في زيادة الروضة ثم لا فرق في الحنث بين أكله وحده أو مع غيره إذا ظهر فيه بخلاف ما إذا أكله في شئ لا تظهر صورته فيه كالناطف، فإنه لا يخلو عن بياض البيض فلا يحنث به. قاله في التتمة، وبه أجاب المسعودي لما توقف القتال فيمن حلف لا يأكل البيض. ثم لقي رجلا فحلف ليأكلن مما في كمه، فإذا هو بيض، فقال: يتخذ منه الناطف ويؤكل ويكون قد أكل مما في كمه ولم يأكل البيض، فاستحسن ذلك. (لا) بيض (سمك) وهو المسمى بالبطارخ (و) لا بيض (جراد) فلا يحنث الحالف على أكل البيض بهما لأنه إنما يخرج بعد الموت بشق البطن، ولو بيع بيض السمك منفردا لم يحنث بأكله لأنه استجد اسما آخر، وهو البطارخ، ولا يحنث بخصية شاة لأنها لا تفهم عند الاطلاق هذا كله إذا لم ينو شيئا، وإن نوى شيئا فكما سبق في الرؤوس، كما صرح به الماوردي والمتولي. ولا يجوز أكل مصارين السمك المملوح مع بيضه لأنها محتوية على النجاسة (و) يحمل (اللحم) فيمن حلف لا يأكله (على) لحم (نعم) من إبل وبقر وغنم (و) لحم (خيل) وهذا مزيد على المحرر والروضة كأصلها، وصرح به ابن الصباغ وغيره (و) لحم (وحش وطير) مأكولين لوقوع اسم اللحم عليه حقيقة فيحنث بالاكل من مذكاها، سواء أكله نيئا أم لا. ولا يحنث بلحم ما لا يؤكل كالميتة والحمار لأن قصده الامتناع عما لا يعتاد أكله ولان اسم اللحم إنما يقع على المأكول شرعا. وإن قال الأذرعي: يظهر أن يفصل بين كون الحالف ممن يعتقد حل ذلك فيحنث وإلا فلا. (ولا) على لحم (سمك) وجراد لأنه لا يسمى لحما في العرف وإن سماه الله تعالى لحما. ولهذا يصح أن يقال ما أكلت لحما بل سمكا، كما لا يحنث بالجلوس على الأرض إذا حلف لا يجلس على بساط كما مر، وإن سماها الله تعالى بساطا.
تنبيه: أفهم إطلاقه لحم السمك أنه لا فرق بين أن تجري عادة ناحيته ببيع لحمه مفردا أم لا، وبه صرح ابن القاص. هذا كله عند الاطلاق. فإن نوى شيئا حمل عليه. (و) لا (شحم بطن) وشحم عين لمخالفتهما اللحم في الاسم والصفة (وكذا كرش) بكسر الراء، ويجوز إسكانها مع فتح الكاف وكسرها. وهو للحيوان كالمعدة للانسان (وكبد) بفتح الكاف وكسر الباء الموحدة، ويجوز إسكانها مع فتح الكاف وكسرها (وطحال) بكسر الطاء (وقلب) ورئة ومعي (في الأصح) لأنه يصح أن يقال أنها ليست لحما. قال الأذرعي: وكذا الثدي والخصية في الأقرب.
والثاني يحنث بها لأنها في حكم اللحم. قال ابن أبي عصرون: ولا يحنث بقانصة الدجاجة - أي ونحوها - قطعا لأنها لا تدخل في مطلق الاسم.
فائدة: روى البيهقي في الشعب عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال العقل في القلب والرحمة في الكبد