مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٦٢
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لو صدقه لم يقطع كالمدعي، وبه صرح البغوي وغيره وقضية كلامه أيضا أنه لو سكت ولم يصدقه ولم يكذبه، أو قال لا أدري أنه لا يقطع وهو كذلك لقيام الشبهة (وإن سرق من حرز شريكه) مالا (مشتركا) بينهما (فلا قطع) به (في الأظهر وإن قل نصيبه) لأن له في جزء حقا شائعا وذلك شبهة فأشبه وطئ الجارية المشتركة. والثاني يقطع إذ لا حق له في نصيب شريكه.
تنبيه: محل الخلاف إذا خلص له من مال شريكه نصاب السرقة وإلا لم يقطع قطعا. وقضية قوله: مشتركا أنه لو سرق من مال شريكه الذي ليس بمشترك أنه يقطع وهو محمول على ما إذا اختلف حرزهما وإلا فلا. قال الماوردي: وعلى هذا أيضا يحمل إطلاق القفال القطع (الثالث) من شروط المسروق (عدم شبهة فيه) لحديث:
ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم صحح الحاكم إسناده. سواء في ذلك شبهة الملك كمن سرق مشتركا بينه وبين غيره كما مر، أو شبهة الفاعل كمن أخذ مالا على صورة السرقة يظن أنه ملكه أو ملك أصله أو فرعه أو شبهة المحل كسرقة الابن مال أصوله، أو أحد الأصول مال فرعه كما قال (فلا قطع بسرقة مال أصل) للسارق وإن علا (وفرع) له وإن سفل لما بينهما من الاتحاد وإن اختلفت ديتهما كما بحثه بعض المتأخرين، ولان مال كل منهما مرصد لحاجة الآخر، ومنها أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المال بخلاف سائر الأقارب، وسواء أكان السارق منهما حرا أو عبدا كما صرح به الزركشي تفقها مؤيدا له بما ذكروه من أنه لو وطئ الرقيق أمة فرعه لم يحد للشبهة (و) لا قطع بسرقة رقيق مال (سيد) له بالاجماع كما حكاه ابن المنذر، ولشبهة استحقاق المنفعة، ويده كيد سيده، والمبعض كالقن، وكذا المكاتب، لأنه قد يعجز فيصير كما كان.
قاعدة: من لا يقطع بمال لا يقطع به رقيقه، فكما لا يقطع الأصل بسرقة مال الفرع وبالعكس لا يقطع رقيق أحدهما بسرقة مال الآخر، ولا يقطع السيد بسرقة مال مكاتبه، ولا بمال ما ملكه المبعض ببعضه الحر كما جزم به الماوردي والشيخ أبو حامد وغيرهما، ولان ما ملكه بالحرية في الحقيقة بجميع بدنه فصار شبهة. وقيل: يقطع به كمال الشريك بعد القسمة، ويحد زان بأمة سيده، إذ لا شبهة له في بضعها.
فروع: لو سرق طعاما زمن القحط ولم يقدر عليه لم يقطع، وكذا من أذن له في الدخول إلى دار أو حانوت لشراء أو غيره فسرق كما رجحه ابن المقري، ويقطع بسرقة حطب وحشيش ونحوهما كيد لعموم الأدلة، ولا أثر لكونها مباحة الأصل، ويقطع بسرقة معرض للتلف كهريسة وفواكه، وبقول كذلك وبماء وتراب ومصحف وكتب علم شرعي وما يتعلق به، وكتب شعر نافع مباح لما مر، فإن لم يكن نافعا مباحا قوم الورق والجلد، فإن بلغ نصابا قطع وإلا فلا، ولو قطع بسرقة عين ثم سرقها ثانيا من مالكها الأول أو من غيره قطع أيضا لأن القطع عقوبة تتعلق بفعل في عين فتكرر بتكرر ذلك الفعل، كما لو زنى بامرأة فحد ثم زنى بها ثانيا، ولو سرق مال غريمه الجاحد لدينه الحال أو المماطل وأخذ بقصده الاستيفاء لم يقطع لأنه حينئذ مأذون له في أخذه وإلا قطع، وغير جنس حقه كجنس حقه في ذلك. ولا يقطع بذلك على قدر حقه أخذه معه وإن بلغ الزائد نصابا وهو مستقل لأنه إذا تمكن من الدخول والاخذ ولم يبق المال محرزا عنه. (والأظهر قطع أحد زوجين بالآخر) أي بسرقة ماله المحرز عنه لعموم الآية الاخبار.
ولان النكاح عقد على منفعة فلا يؤثر في درء الحد كالإجارة لا يسقط بها الحد عن الأجير أو المستأجر إذا سرق أحدهما من الآخر. ويفارق العبد الزوجة بأن مؤنتها على الزوج عوض كثمن المبيع ونحوه بخلاف مؤنة العبد، والثاني لا قطع على واحد منهما للشبهة فإنها تستحق عليه النفقة وهو يستحق الحجر عليها، والثالث يقطع الزوج دونها لأن لها حقوقا في ماله بخلاف وماله إليه الأذرعي.
تنبيه: محل الخلاف في الزوجة إذا لم تستحق على الزوج شيئا حين السرقة، أما إذا كانت تستحق النفقة
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548