فائدة: وقع في الافتاء أن الولد لو مات في بطن المرأة وتعذر نزوله هل تنقضي عدتها بالأقراء إذا كانت من ذوات الأقراء أو بالأشهر إن لم تكن، أو لا تنقضي عدتها ما دام في بطنها؟ اختلف العصريون في ذلك، والظاهر الثالث لعموم قوله تعالى: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) *. (لا) بوضع (علقة) وهي مني يستحيل في الرحم فيصير دما غليظا، فلا تنقضي العدة بها لأنها لا تسمى حملا، وإنما هي دم. (و) تنقضي (بمضغة) وهي العلقة المستحيلة قطعة لحم، قال الزمخشري: سميت بذلك لأنها صغيرة كقدر ما يمضغ. (فيها صورة آدمي خفية) على غير القوابل (أخبر بها القوابل) لظهورها عندهن، كما لو كانت ظاهرة عند غيرهن أيضا بظهور يد أو أصبع أو ظفر أو غيرها بصب ماء حلو أو غسله فظهرت الصورة.
تنبيه: قوله: وبمضغة معطوف على المثبت كما تقرر، لا على المنفي، ولهذا أعاد الباء. (فإن لم يكن) في المضغة (صورة) لا ظاهرة ولا خفية أخبر بها القوابل، (و) لكن (قلن: هي أصل آدمي) ولو بقيت لتصورت، (انقضت) أي العدة بوضعها (على المذهب) المنصوص لحصول براءة الرحم بذلك.
تنبيه: هذه المسألة تسمى مسألة النصوص، فإنه نص هنا على أن العدة تنقضي بها وعلى أنه لا تجب فيها الغرة ولا يثبت بها الاستيلاد، فقيل قولان في الجميع، وقيل: بتقرر النصين، وهو المذهب. والفرق أن العدة تتعلق ببراءة الرحم وقد حصلت، والأصل براءة الذمة في الغرة، وأمومية الولد إنما ثبتت تبعا للولد، وهذا لا يسمى ولدا، ولو شكت القوابل في أنها أصل آدمي لم تنقض بوضعها قطعا، والقول قول المرأة بيمينها في أنها أسقطت ما تنقضي به العدة، سواء أكذبها الزوج أم لا لأنها مؤتمنة فيها، ولأنها تصدق في أصل السقط فكذا في صفته. (ولو ظهر في) أثناء (عدة أقراء أو) أثناء عدة (أشهر) أو بعدهما كما قاله الصيمري، وإن أفهم كلام المصنف خلافه، (حمل للزوج) متعلق بحمل لا يظهر:
(اعتدت بوضعه) ولغا ما مضى من أقراء أو أشهر، لأنه يدل على البراءة قطعا بخلافهما. (ولو ارتابت) أي شكت (فيها) أي العدة بأن لم يظهر لها الحمل بأمارات، وإنما ارتابت منه بثقل وحركة تجدهما، (لم تنكح) آخر بعد تمامها (حتى تزول الريبة) بمرور زمن مثلا تزعم النساء أنها لا تلد فيه، لأن العدة قد لزمتها بيقين فلا تخرج عنها إلا بيقين، كما لو شك هل صلى ثلاثا أو أربعا، فإن نكحت فالنكاح باطل كما أفهمه كلامه وصرح به الرافعي للتردد في انقضائها. فإن قيل: المراد بالبطلان البطلان ظاهرا، فإذا بان عدم الحمل فالقياس الصحة، كما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا. أجيب بالاحتياط في الابضاع، ولان الشك في المعقود عليه يبطل العقد، كما لو تزوج خنثى ثم اتضح بخلاف ما لو كان وليا أو شاهدا كما مر.
(أو) ارتابت (بعدها) أي العدة (وبعد نكاح) لآخر، (استمر) نكاحها لحكمها بانقضاء العدة ظاهرا أو تعليق حق الزوج الثاني.
(إلا أن تلد لدون ستة أشهر من) وقت (عقدة) فإنه يحكم ببطلانه لتحقق كونها حاملا يوم العقد والولد للأول إن أمكن كونه منه، بخلاف ما لو ولدته لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني وإن أمكن كونه من الأول، لأن الفراش للثاني ناجز فهو أقوى، ولان النكاح الثاني قد صح ظاهرا، فلو ألحقنا الولد بالأول لبطل النكاح لوقوعه في العدة، ولا سبيل إلى إبطاله بالاحتمال.
تنبيه: وطئ الشبهة بعد انقضاء العدة كالنكاح الثاني، فلو أتت بولد لستة أشهر من الوطئ لحق بالواطئ لانقطاع النكاح والعدة عنه ظاهرا، ذكره في الروضة وأصلها. (أو) ارتابت (بعدها) أي العدة (قبل نكاح) بآخر ( فلتصبر) عن النكاح (لتزول الريبة) للاحتياط، وفي الخبر: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.