كما قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ قال: خير، أي بخير. أو يكون المتكلم لحن واللحن لا يغير الحكم عندنا. والسكون على الوقف. (وقيل) يقع (المنوي) لا الملفوظ عملا بالنية. ومعنى: أنت واحدة: أي أنك تتوحدين مني بالعدد الذي أوقعته، وهذا ما صححه في أصل الروضة تبعا للبغوي وغيره، وهو المعتمد. ولو قال: أنت واحدة بالنصف وحذف طالق، قال الزركشي وغيره: ظاهر كلام المصنف وقوع واحدة أيضا اه. ويؤيده عدم الفرق بين قوله: أنت طالق واحدة بالرفع وبين: أنت واحدة بالرفع وحذف طالق كما سيأتي. (قلت: ولو قال أنت واحدة) بالرفع (ونوى عددا فالمنوي) حملا للتوحد على التفرد عن الزوج بالعدد المنوي لقربه من اللفظ. (وقيل) يقع (واحدة، والله أعلم) لأن لفظ الوحدة نص لا يحتمل ما زاد عليها. ويجري الخلاف فيما لو قال: أنت طالق واحدة بالرفع.
تنبيه: حاصل ما ذكر أن المعتمد اعتبار المنوي في جميع الحالات، ولو قال: أنت طالق اثنتين ونوى به الثلاث، قال في التوشيح: ويظهر مجئ الخلاف فيه أنه هل يقع ما نوى أو لا يقع الاثنتان؟ والراجح وقوع الثلاث، ووجهه أنه لما نوى الثلاث بأنت طالق ثم قال ثنتين فكأنه يريد رفع ما وقع. ولو قال: أنت بائن ثلاثا ونوى واحدة فهل ينظر إلى اللفظ أو إلى النية؟ وجهان، قضية كلام المتولي الجزم بالثلاث. وحاصل ذلك أن النية إذا اختلفت مع اللفظ فالعبرة بالأكثر منهما. (ولو أراد أن يقول أنت طالق ثلاثا فماتت) أو أسلمت أو ارتدت قبل دخول بها أو أخذ شخص على فيه (قبل تمام طالق لم يقع) طلاق لخروجها عن محل الطلاق قبل تمامه (أو بعده قبل) شروعه في قوله: (ثلاثا فثلاث) لأنه كان قاصدا للثلاث حين قال: أنت طالق وقد تم معه لفظ الطلاق في حياتها أو قبل إسلامها أو قبل ردتها أو قبل إمساك فيه. (وقيل) يقع (واحدة) ويلغى قوله ثلاثا لوقوعه بعد موتها. (وقيل: لا شئ) يقع من ثلاث أو واحدة، لأن الكلام بآخره وقد ماتت قبل تمامه. وترجيح الأول نقلا تصحيحه في الروضة وأصلها عن البغوي، ثم قالا: وقال إسماعيل البوشنجي: الذي تقتضيه الفتوى أنه إن نوى الثلاث بقوله: أنت طالق وقصد أن يحققه باللفظ فثلاث وإلا فواحدة اه. وصحح هذا في الأنوار، وقال الزركشي: إنه الصواب المنقول عن الماوردي والقفال وغيرهما اه. وهذا هو الظاهر وإن نازع في ذلك الأذرعي.
تنبيه: قد علم مما تقرر أن ذكر الموت من كلام المصنف مثال. واحترز بقوله: ولو أراد أن يقول أنت طالق ثلاثا عما لو قال: أنت طالق على عزم الاقتصار عليه فماتت فقال ثلاثا. قال الإمام: لا شك أن الثلاث لا تقع بل يقع واحدة. واختلفوا في قوله: أنت طالق ثلاثا كيف سبيله، فقيل: قوله: ثلاث منصوب بالتفسير والتمييز، قال الإمام:
وهذا جهل بالعربية، وإنما هو صفة لمصدر محذوف، أي طالق طلاقا ثلاثا، كقوله: ضربت زيدا شديدا، يعني ضربا شديدا.
فروع: لو قال: أنت طالق أو إن لم، وقال: قصدت الشرط، لم يقبل ظاهرا إلا إن منع الاتمام كأن وضع غيره يده على فمه وحلف فيقبل ظاهرا للقرينة. ولو قال: أنت طالق طلقة واحدة ألف مرة أو كألف أو أنت طالق بوزن ألف درهم ولم ينو عددا في الثلاث فطلقة واحدة فقط، لأن ذكر الواحدة في الأولين يمنع لحوق العدد، وذكر الوزن في الثالثة ملغى لأن الطلاق لا يوزن. ولو قال: أنت كمائة طالق وقعت واحدة لأنها المتيقنة في أحد وجهين اختاره البندنيجي وغيره. ولو قال: أنت طالق حتى يتم الثلاث أو أكملها ولم ينو الثلاث فواحدة، وقيل: ثلاث. ولو قال: أنت طالق ألوانا من الطلاق فواحدة إن لم ينو عددا، بخلاف قوله: أنواعا من الطلاق أو أجناسا منه أو أصنافا فإن الظاهر كما قال شيخنا وقوع الثلاث، ولو قالت لزوجها: طلقني ثلاث، فقال: أنت طالق ولم ينو عددا فواحدة. فإن قيل: الجواب