مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٥
والأقرب أنه لا تجوز الوصية لأخرس وإن فهمت إشارته. قال ابن شهبة: وفيه نظر. وهذا النظر هو الظاهر. (ولا تشترط الذكورة) بالاجماع كما حكاه ابن المنذر. وقد أوصى سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه إلى ابنته حفصة رضي الله تعالى عنها، رواه أبو داود. (وأم الأطفال أولى من غيرها) من النساء عند اجتماع الشروط السابقة، لوفور شفقتها، وخروجا من خلاف الإصطخري فإنه يرى أنها تلي بعد الأب والجد. وكذا أولى من الرجال أيضا لما ذكر إذا كان فيها ما فيهم من الكفاية والاسترباح ونحوهما وإلا فلا. قال الأذرعي: وكم من محب مشفق لا يقدر على تحصيل الأرباح والمصالح التامة لمن يلي أمره. وللقاضي أن يفوض أمر الأطفال إذا لم يكن وصي إلى امرأة فتكون قيمة، فإن كانت أم الأطفال فذاك أولى، قاله الغزالي في البسيط. (وينعزل الوصي) وقيم القاضي والأب والجد بعد الولاية (بالفسق) بتعد في المال أو بسبب آخر، لزوال الشرط فلا يحتاج لعزل حاكم.
تنبيه: أفهم كلامه أن الوصي لا ينعزل باختلال كفايته، وهو كذلك، لكن يضم القاضي إليه معينا، بل أفتى السبكي بأنه يجوز للقاضي أن يضم إلى الوصي غيره بمجرد الريبة من غير ثبوت خلل، قال: ولم أره منقولا. وكلام الأصحاب يقتضي المنع، وفساد الزمان يقتضي الجواز * (والله يعلم المفسد من المصلح) * اه‍. والأوجه ما بحثه الأذرعي من أنه إن قويت الريبة بقرائن ظاهرة ضم، وإلا فلا. وإن ضعف منصوب القاضي عزله، (وكذا) ينعزل (القاضي) بالفسق (في الأصح) لزوال الأهلية. والثاني: كالإمام. وهذه المسألة ذكرها المصنف في القضاء وفرضها في عدم نفوذ حكمه لا في انعزاله، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى مستوفى في كتاب القضاء (لا الإمام الأعظم) فلا ينعزل بالفسق لتعلق المصالح الكلية بولايته. وحكى القاضي عياض فيه الاجماع. ولحديث: صلوا خلف كل بر وفاجر. وقيل: ينعزل، وصوبه في المطلب، واقتضى كلامه تفرد الرافعي بترجيح عدم الانعزال.
تنبيه: بالتوبة من الفسق تعود ولاية الأب والجد لا ولاية غيرهما، لأن ولايتهما شرعية وولاية غيرهما مستفادة من التفويض، فإذا ارتفعت لم تعد إلا بولاية جديدة. والجنون والاغماء كالفسق في الانعزال به، فلو أفاق غير الأصيل والإمام الأعظم لم تعد ولايته، لأنه يلي بالتفويض كالوكيل، بخلاف الأصيل تعود ولايته وإن انعزل لأنه بلا تفويض، وبخلاف الإمام الأعظم كذلك للمصلحة الكلية. فإن أفاق الإمام وقد ولي آخر بدله نفذت توليته إن لم يخف فتنة وإلا فلا فيولى الأول، قال الإمام: ولا شك أنه ينعزل بالردة ولا تعود إمامته. ثم شرع في بيان الركن الثاني وهو الموصى فقال:
(ويصح الايصاء في قضاء الدين. وتنفذ الوصية من كل حر مكلف) مختار. قال ابن الرفعة: كذا في أكثر النسخ تنفيذ بتحتانية بين الفاء والذال كما في المحرر والروضة وأصلها، وفي خط المصنف تنفذ بلا تحتانية مضموم الفاء والذال بعد دائرة، أي وهو معطوف على يصح، ويتعلق بهما قوله: من إلخ، فصار كلامه حينئذ مشتملا على مسألتين: إحداهما صحة الوصية بقضاء الدين، والأخرى: نفوذ الوصية من الحر المكلف. ويلزم على هذا كما قاله ابن شهبة محذورات، إحداها: التكرار، فإن الوصية بقضاء الدين تقدم أول الفصل أنها سنة فلا فائدة للحكم ثانيا بصحتها. ثانيها: صيرورة الكلام في الثانية غير مرتبط، فإنه لم يذكر في أي شئ تنفذ. ثالثها: مخالفة أصله، أي من غير فائدة.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف استثناء السكران من التكليف على رأيه، فإنه غير مكلف عنده، ويصح إيصاؤه.
وكلامه تبعا للرافعي يفهم أن السفيه إذا صححنا وصيته بالمال وهو الأصح أن له تعيين شخص لتنفيذها. قال السبكي:
ولم أر فيه إلا ما اقتضاه هذا الكلام وهو محتمل، ومنعه أيضا محتمل فيليه الحاكم أو وليه اه‍. ويقوي الاحتمال الثاني قول ابن الرفعة: ينبغي إضافة الرشد إلى الشرطين المذكورين، وقول الأذرعي الظاهر أنه لا يصح أيضا
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460