مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
ممكن. (قلت: ذا القول أظهر، والله أعلم) وعليه هل المراد نساء زمانها أو النساء مطلقا؟ قال الأذرعي: إيراد القاضي وجماعة يقتضي الأول، وكلام كثيرين أو الأكثرين يقتضي الثاني انتهى. وهذا الثاني هو الظاهر. واختلفوا في سن اليأس على ستة أقوال، أشهرها ما تقدم وهو اثنان وستون سنة، وقيل: ستون، وقيل: خمسون، وقيل: سبعون، وقيل: خمسة وثمانون، وقيل: تسعون وقيل: غير العربية لا تحيض بعد الخمسين، ولا تحيض بعد الستين إلا قرشية.
ولو رأت امرأة الدم بعد سن اليأس صار أعلى اليأس آخر ما رأته فيه، ويعتبر بعد ذلك بها غيرها. فإن قيل: هذا مخالف لما قالوه في سن الحيض من أنه لا عبرة برؤية دم قبله مع أن كلا ثبت بالاستقراء أجيب بأن الاستقراء في السن استقراء تام لتيسره، ولهذا لم يقع فيه خلاف فلم يعول على خلافه، بخلافه هنا، ولهذا كثر الخلاف فيه.
فصل: في العدة بوضع الحمل: (عدة الحامل) من حرة وأمة عن فراق حي أو ميت بطلاق رجعي أو بائن، (بوضعه) أي الحمل لقوله تعالى: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * فهو مخصص لقوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) *، ولان المعتبر من العدة براءة الرحم، وهي حاصلة بالوضع. (بشرط) إمكان (نسبته إلى ذي) أي صاحب (العدة) زوجا كان أو غيره، (ولو احتمالا كمنفي بلعان) لأنه لا ينافي إمكان كونه منه، ولهذا لو استلحقه لحقه. فإن لم يمكن نسبته إليه لم تنقض بوضعه، كما إذا مات صبي لا يتصور منه الانزال، أو ممسوح عن زوجة حامل فلا تعتد بوضع الحمل، وكذا كل من أتت زوجته الحامل بولد لا يمكن كونه منه كأن وضعته لدون ستة أشهر من النكاح أو لأكثر وكان بين الزوجين مسافة لا تقطع في تلك المدة، أو لفوق أربع سنين من الفرقة لم تنقض عدته بوضعه، لكن لو ادعت في الأخيرة أنه راجعها، أو جدد نكاحها أو وطئها بشبهة وأمكن، فهو وإن انتفى عنه تنقضي به عدته.
تنبيه: يجوز نكاح ووطئ الحامل من زنا. إذ لا حرمة له، والحمل المجهول قال الروياني: يحمل على أنه من زنا وقال الإمام على إنه من وطئ شبهة تحسينا للظن، وجمع بين كلاميهما بحمل الأول على أنه كالزنا في أنه لا تنقضي به العدة، والثاني: على أنه من شبهة تجنبا عن تحمل الاثم، وهو جمع حسن. (و) بشرط (انفصال كله) أي الحمل، فلا أثر لخروج بعضه متصلا أو منفصلا في انقضاء العدة ولا في غيرها من سائر أحكام الجنين لعدم تمام انفصاله والظاهر الآية. واستثنى من ذلك وجوب الغرة بظهور شئ منه، لأن المقصود تحقق وجوده ووجوب القود إذا حز جان رقبته وهو حي، ووجوب الدية بالجناية على أمه إذا مات بعد صياحه، وقد علم بذلك ضعف ما قاله الدارمي من أن أمية الولد تثبت وتعتق بموت السيد بانفصال بعضه. فإن قيل: لا حاجة إلى هذا الشرط لأنه لا يقال وضعت إلا عند انفصال كله أجيب بأن الوضع يصدق بالكل والبعض. ثم غيا المصنف انفصال كل الحمل بقوله: (حتى) انفصال (ثاني توءمين) تثنية توءم، وهو كل واحد من ولدين مجتمعين في حمل واحد، فلا تنقضي بوضع الأول منهما، بل له الرجعة بعده قبل وضع الباقي لبقاء العدة ثم بين المدة التي لا تقطع الولد الثاني عن كونه توءما بقوله: (ومتى تخلل) بين وضعهما (دون ستة أشهر فتوءمان) أي يسميان بذلك، بخلاف ما إذا تخلل بينهما ستة أشهر فأكثر، فالثاني حمل آخر. فإن قيل: كونه حملا آخر يتوقف على وطئ بعد وضع الأول، فإذا وضعت الثاني لستة أشهر من وضع الأول سقط منها ما يسع الوطئ فيكون الباقي دون ستة أشهر أجيب بأنه يمكن تصوير ذلك باستدخال المني حال وضع الأول. وتقييدهم بالوطئ في قولهم: تعتبر لحظة للوطئ جرى على الغالب، والمراد الوطئ أو استدخال المني الذي هو أولى بالحكم هنا، بل قد يقال يمكن الوطئ حالة الوضع. (وتنقضي) العدة (بميت) أي بوضع ولد ميت كالحي لاطلاق الآية.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460