نكاح مستفتح بأحكامه. (وللعبد طلقتان فقط) وإن كانت الزوجة حرة لما روى الدارقطني مرفوعا: طلاق العبد اثنتان وروي عن عثمان وزيد بن ثابت، ولا مخالف لهما من الصحابة، رواه الشافعي. والمكاتب والمبعض والمدبر كالقن، وإنما لم تعتبر حرية الزوجة لأن الاعتبار في الطلاق بالزوج لما روى البيهقي أن النبي (ص) قال:
الطلاق بالرجال والعدة بالنساء. وقد يملك العبد ثالثة كذمي طلق زوجته طلقتين ثم التحق بدار الحرب واسترق ثم أراد نكاحها فإنها تحل له على الأصح ويملك عليها الثالثة لأنها لم تحرم عليه بالطلقتين. وطريان الرق لا يمنع الحل السابق، بخلاف ما لو طلقها طلقة ثم استرق فإنها تعود له بطلقة فقط لأنه رق قبل استيفاء عدد العبيد. ومن عتق بعد طلقة بقي له طلقتان، لأنه عتق قبل استيفاء عدد العبيد، أو بعد طلقتين لم يبق له شئ لاستيفائه عدد العبيد في الرد. ولو أشكل على الزوجين هل وقع الطلقتان قبل العتق أو بعده لم يبق له شئ لأن الرق ووقوع الطلاق معلومان، والأصل بقاء الرق حين أوقعهما، فإن ادعى تقدم العتق عليهما وأنكرت صدق بيمينه، سواء اتفقا على يوم العتق أو لم يتفقا على وقت لأنه أعرف بوقت الطلاق. فإن اتفقا على يوم الطلاق كيوم الجمعة وادعى العتق قبله صدقت بيمينها لأن الأصل دوام الرق قبل يوم الجمعة. (وللحر ثلاث) وإن كانت زوجته أمة، لأنه (ص) سئل عن قوله تعالى:
* (الطلاق مرتان) * فأين الثالثة؟ فقال: أو تسريح بإحسان رواه أبو داود وصححه ابن القطان. وإنما لم يعتبر رق الزوجة لما مر. واعتبره أبو حنيفة بالنساء كالعدة. (ويقع) الطلاق بائنا أو رجعيا (في مرض موته) أي المطلق كما يقع في صحته، (ويتوارثان) أي الزوج المريض وزوجته (في عدة) طلاق (رجعي) بالاجماع، لبقاء آثار الزوجية في الرجعية بلحوق الطلاق لها والايلاء منها وغير ذلك كما مر. (لا) في عدة طلاق (بائن) لانقطاع آثار الزوجية. (وفي القديم) ونص عليه أيضا في الاملاء فيكون جديدا، (ترثه) وبه قال الأئمة الثلاثة، لأن تطليقها بغير اختيارها يدل على قصده حرمانها من الإرث فيعاقب بنقيض قصده.
تنبيه: للقديم شروط: أحدها كون الزوجة وارثة، فلو أسلمت بعد الطلاق فلا. ثانيها: عدم اختيارها، فلو اختلعت أو سألت فلا. ثالثها: كون البينونة في مرض مخوف ونحوه ومات بسببه، فإن برئ منه فلا. رابعها: كونها بطلاق لا بلعان وفسخ. خامسها: كونه منشأ ليخرج ما إذا أقر به. سادسها: كونه منجزا. وإذا قلنا بالجديد فلها حكم بقية البوائن، إلا إن قصد بطلاقها فراره من الإرث فيجري في تحريمه خلاف تحريم بيع النصاب قبل الحول فرارا من الزكاة، وعبر بقوله: ترثه دون يتوارثان تنبيها على أنها لو ماتت لا يرثها، وهو كذلك.
فصل: في تعدد الطلاق بنية العدد فيه وغير ذلك: لو (قال) شخص لزوجته ولو نائمة أو مجنونة: (طلقتك أو أنت طالق) أو نحو ذلك من الصريح وإن لم يخاطبها، كقوله: هذه طالق، (ونوى عددا وقع) سواء المدخول بها وغيرها، لأن اللفظ يحتمل العدد بدليل جواز تفسيره به. وما احتمل إذا نواه وقع كالطلاق بالكناية فيأتي فيه ما مر في أن النية لا بد من مقارنتها لجميع اللفظ أو تكفي مقارنته لبعضه كما قاله المتولي وغيره. (وكذا الكناية) كأنت بائن إذا نوى فيها عددا وقع ما نواه لاحتمال اللفظ له، فإن نوى واحدة أو لم ينو شيئا وقعت واحدة لأنه المتيقن. (ولو قال:
أنت طالق واحدة) بالنصب بخطه، (ونوى عددا فواحدة) لأن الملفوظ يناقض المنوي واللفظ أقوى فالعمل به أولى.
وهذا ما صححه الغزالي، وفي المحرر أنه الذي رجح. والرفع والجر والسكون كالنصب في هذا وفيما سيأتي، وتقدير الرفع على أنه خبر، والنصب على أنه صفة لمفعول محذوف، والجر على أنت ذات واحدة، فحذف الجار وأبقى المجرور بحاله،