فإن قبضت منك لا في إن أقبضتني، وكذا قوله: (ولو مكرهة، والله أعلم) إنما ذكراه في الشرح والروضة في صيغة إن قبضت منك فذكره في إن أقبضتني قال السبكي: سهو، لأن الاقباض بالاكراه الملغى شرعا لا اعتبار به، وقال الأذرعي:
الأصح أن الاكراه يرفع حكم الحنث، قال ابن شهبة: وحينئذ فما وقع في المنهاج سهو حصل من انتقاله من قوله إن قبضت إلى قوله إن أقبضتني اه. وجرى على ذلك شيخنا في منهجه، وقال في شرحه: فذكر الأصل له في مسألة الاقباض سبق قلم اه. وبالجملة فما في الروضة وأصلها أوجه مما في الكتاب وإن قال الشارح إن القبض متضمن للاقباض. (ولو علق) طلاقها (بإعطاء) نحو (عبد) كثوب (ووصفه بصفة سلم) وهي التي يصح بها ثبوته في الذمة أو وصفه بصفة دون صفة السلم بأن لم يستوفها، (فأعطته) عبدا (لا بالصفة) التي وصفها، (لم تطلق) لعدم وجود الصفة. (أو) أعطته عبدا (بها) طلقت به في الأولى ومهر مثل في الثانية لفساد العوض فيها بعدم استيفاء صفة السلم. وإن أعطته عبدا في الأولى (معيبا فله رده) لأن الاطلاق يقتضي السلامة، فإذا اطلع فيه على عيب تخير، فإن شاء أمسكه ولا شئ له، وإن شار رده (و) له (مهر مثل) لفساد العوض، (وفي قول قيمته سليما) الخلاف مبني على أن بدل الخلع في يد الزوجة مضمون ضمان عقد أو ضمان يد، ومر أن الراجح الأول. وليس له أن يطالب بعبد بتلك الصفة سليم لوقوع الطلاق بالمعطى بخلاف غير التعليق كما لو قال: طلقتك على عبد صفته كذا فقبلت وأعطته عبدا بتلك الصفة معيبا له رده والمطالبة بعبد سليم لأن الطلاق وقع قبل الاعطاء بالقبول على عبد في الذمة.
تنبيه: لو كان قيمة العبد مع العيب أكثر من مهر المثل وكان الزوج محجورا عليه بسفه أو فلس فلا رد لأنه يفوت القدر الزائد على السفيه وعلى الغرماء. ولو كان الزوج عبدا فالرد للسيد، أي المطلق التصرف كما قاله الزركشي، وإلا فوليه. (ولو قال) في تعليقه بالاعطاء إن أعطيتني (عبدا) ولم يصفه، (طلقت بعبد) أي بكل عبد على أي صفة صغيرا كان أو كبيرا سليما أو معيبا ولو مدبرا أو معلقا عتقه بصفة. وأفهم كلامه أنها لا تطلق بإعطاء خنثى وأمة وهو كذلك لعدم وجود الصفة، وإن قال ابن حزم إن العبد يطلق على الأمة لأنه غير مشهور. وكان الأولى للمصنف أن يقول: طلقت بكل عبد كما قدرته في كلامه ليصح قوله: (إلا مغصوبا في الأصح) فإن الاستثناء لا يكون إلا من عام، ولو قال: إلا عبدا لا يصح بيعه ليشمل المكاتب والمشترك والمرهون ونحو ذلك لكان أولى، لأن الاعطاء يقتضي التمليك كما مر، ولا يمكن تمليك ما لا يصح بيعه. والثاني: تطلق بمن ذكر كالمملوك، لأن الزوج لا يملك المعطى ولو كان مملوكا لها كما مر.
تنبيه: دخل في المغصوب ما لو كان عبدا لها وهو مغصوب فأعطته للزوج فإنها لا تطلق به كما قاله الشيخ أبو حامد وإن بحث الماوردي الوقوع، نعم لو خرج بالدفع عن المغصوب فلا شك في الطلاق كما قاله الأذرعي. (وله) في غير المغصوب ونحوه (مهر مثل) بدل المعطى لتعذر ملكه له، لأنه مجهول عند التعليق، والمجهول لا يصح عوضا.
فإن قيل: تصوير مسألة المتن مشكل لأن التعليق بإعطاء العبد فيها محتمل للتمليك والاقباض، فإن أريد التمليك فينبغي أن لا يقع، وإن أريد الاقباض فيقع رجعيا والعبد في يد الزوج أمانة، وهو وجه. أجيب بأن المراد الأول لكنه لما تعذر ملكه لجهله رجع فيه إلى بدله وحيثما ثبت البدل ثبت الطلاق بائنا. ثم شرع في سؤال المرأة الطلاق، فقال:
(ولو ملك طلقة فقط فقالت طلقني ثلاثا بألف فطلق الطلقة) التي يملكها (فله ألف) على الأصح المنصوص علمت الحال أم لا، لأنه حصل بها مقصود الثلاث وهو البينونة الكبرى. (وقيل) له (ثلثه) أي الألف توزيعا للمسمى على العدد، وهذا من تخريج المزني. (وقيل: إن علمت الحال) وهو ملكه لطلقة واحدة فقط، (فألف) لأن المراد والحالة