في الولاء فصرنا إلى القياس. والثاني: أنهما يستويان كالنسب. ويجري فيه القولان في العم وأبي الجد في كل عم اجتمع مع جد إذا أدلى العم بأب دون ذلك الجد، قال البلقيني وغيره: وكذا في ابن العم مع أبي الجد. ويفارق العتق أيضا النسب فيما لو كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ لأم، فإنه يقدم هنا بخلاف النسب فإنهما سواء بعد إخراج الفرض، والفرق أن الأخ للأم في النسب يرث فأعطي فرضه واستويا في الباقي بالعصوبة، وفي الولاء لا يرث بالفرض، فرجح من يدلي بقرابة الأم لتمحضها للترجيح. (فإن لم يكن له) أي المعتق (عصبة) من النسب، (فلمعتق المعتق، ثم عصبته) أي عصبة معتق المعتق (كذلك) أي على الترتيب المذكور في عصبة المعتق، ثم لمعتق معتق المعتق ثم لعصبته، وعلى هذا القياس، ثم بيت المال. (ولا ترث امرأة بولاء إلا معتقها) بفتح التاء بخطه وهو من أعتقته، لاطلاق الحديث المار: إنما الولاء لمن أعتق.
تنبيه: قد يشعر قوله: معتقها إخراج من عتق عليها من أصولها أو فروعها بالملك، وليس مرادا بل لها ولاؤه اتفاقا. (أو منتميا إليه) أي معتقها (بنسب) كابنه وإن سفل، (أو ولاء) كمعتقه بفتح المثناة ويشركها الرجل في ذلك مع زيادة، وهو كونه عصبة معتق من النسب.
تنبيه: استثنى في التنبيه صورة ثالثة، وهي جر الولاء إليها، وصورتها أن يتزوج عبدها بمعتقة لرجل فيأتي بولد فولاء الولد لموالي الأم، فإذا أعتقت المرأة عبدها وهو أبو الولد جر الأب ولاء الولد إلى المرأة، ولو اشترت بنت أباها فعتق عليها ثم اشترى الأب عبدا وأعتقه ثم مات الأب عنها وعن ابن له ثم عتيقه عنهما فميراثه للابن دون البنت لأنه عصبة معتق من النسب والبنت معتقة المعتق، والأول أقوى، وتسمى هذه مسألة القضاة لما قيل إنه أخطأ فيها أربعمائة قاض غير المتفقهة حيث جعلوا الميراث للبنت، وغفلوا عن كون عصبة المعتق من النسب مقدما على معتق المعتق، ولا ميراث لمعتق عصبات المعتق إلا لمعتق أبيه أو جده.
فصل: في ميراث الجد مع الاخوة والأخوات بالتفصيل المذكور في قوله: (إذا اجتمع جد) أو أبوه (وإخوة) بكسر الهمزة وضمها، (وأخوات) فإن كانوا لأم سقطوا كما مر في فصل الحجب، وإن كانوا (لأبوين أو لأب) لم يسقطوا به على الصحيح. ثم اعلم أن القول في ميراث الجد مع الاخوة خطير في الفرائض، ومسائله كثيرة الاختلاف فيما بين الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم وكانوا يحذرون من الخوض فيها، وورد في حديث: أجرأكم على قسم الجد أجرأكم على النار. قال الدارقطني كما نقله عنه القاضي أبو الطيب: لا يصح رفعه، وإنما هو عن عمر أو علي رضي الله عنهما. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض في الجدة والاخوة. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: سلوني عما شئتم من عصباتكم، ولا تسألوني عن الجد والاخوة لا حياه الله ولا بياه قال الماوردي: وأول من ورث الجد مع الاخوة في الاسلام عمر رضي الله عنه. ثم بعد اختلافهم أجمعوا على أن الاخوة لا تسقط الجد، قال ابن عبد البر: لم يخالف إلا فرقة من المعتزلة، واختلفوا بعد ذلك على مذهبين: أحدهما أن الجد بمنزلة الأب فيحجب الاخوة والأخوات وهو قول أبي بكر وابن عباس وعائشة وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم، وهو مذهب أبي حنيفة، لأنه يسمى أبا، ولأنه يأخذ السدس مع الابن وابن الابن كالأب فأسقط الاخوة. والمذهب الثاني: أنه يشارك الاخوة، وهو قول عمر وعثمان وزيد بن ثابت وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وبه قال الأئمة الثلاثة، ولذلك قال المصنف: (فإن لم يكن معهم ذو) أي صاحب (فرض فله الأكثر من ثلث) جميع (المال، و) من (مقاسمتهم كأخ) أما أخذ الثلث