البخاري أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه سئل عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال: لأقضين فيها بما قضى رسول الله (ص): للابنة النصف ولابنة الابن السدس وما بقي فللأخت. قال الإمام: ولأنه إذا كان في المسألة بنتان أو بنات ابن وأخوات أخذ البنات أو بنات الابن الثلثين، فلو فرضنا للأخوات وأعلنا المسألة نقص نصيب البنات أو بنات الابن، فاستبعدوا أن تزاحم الأخوات الأولاد أو أولاد الابن ولم يمكن إسقاطهن فجعلن عصبات ليدخل النقص عليهن خاصة. ثم بين فائدتها كونها عصبة بقوله: (فتسقط أخت لأبوين) اجتمعت (مع البنت) أو بنت الابن أو معهما الاخوة و (الأخوات لأب) كما يسقطهم الأخ الشقيق.
تنبيه: لو قال بدل الأخوات لأب أولاد الأب لكان أولى ليشمل ما قدرته. ولو كان مع الأخت الشقيقة أخ شقيق عصبها وكان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لئلا يلزم مخالفة أصل أن للذكر ضعف ما للأنثى، ولان تعصيبها إنما هو للضرورة كما مر. (وبنو الاخوة لأبوين أو لأب كل منهم) حكمه في الإرث (كأبيه اجتماعا وانفرادا) فيستغرق الواحد أو الجمع منهم المال عند الانفراد ويأخذ ما فضل عن الفروض، وعند اجتماعهم يسقط ابن الشقيق ابن الأخ للأب.
(لكن يخالفونهم) أي آباءهم (في أنهم لا يردون الأم) من الثلث (إلى السدس) بخلاف آبائهم، لأن الله تعالى أعطاها الثلث حيث لا إخوة، وهذا الاسم لا يصدق على بنيهم كما مر (ولا يرثون مع الجد) بل يسقطون به، وآباؤهم يرثون معه لأن الجد كالأخ بدليل تقاسمهما إذا اجتمعا، وإذا كان كالأخ فلا يرث ابن الأخ معه لأنه أقرب منه (ولا يعصبون أخواتهم) لأنهم من ذوي الأرحام، (ويسقطون في المشركة) بخلاف آبائهم الأشقاء، لأن مأخذ التشريك قرابة الأم، وهي مفقودة في ابن الأخ. وهذه المخالفة مختصة ببني الإخوة للأبوين كما قررته تبعا للمحرر لأن الاخوة لأب وبنيهم سيان في ذلك كما مر.
تنبيه: قد اقتصر المصنف تبعا للرافعي على استثناء هذه الصور الأربع، وزاد في الروضة ثلاث صور أخر:
الأولى: الاخوة لأبوين يحجبون الاخوة لأب وأولادهم لا يحجبونهم. الثانية: الأخ للأب يحجب ابن الأخ الشقيق وابنه لا يحجبه. الثالثة: بنو الاخوة لا يرثون مع الأخوات إذا كن عصبات مع البنات.
فائدة: الاخوة والاخوان: جمع أخ، سواء في ذلك أخو النسب وأخو الصداقة. وقال أهل البصرة: الاخوة في النسب والاخوان في الأصدقاء. قال أبو حاتم: وهذا غلط، بل كل يستعمل فيهما. (والعم لأبوين ولأب) حكمه في الإرث (كالأخ من الجهتين اجتماعا وانفرادا) منصوبان بنزع الخافض: أي في الاجتماع والانفراد أو على التمييز، أي من جهة الاجتماع والانفراد، فمن انفرد منهما استغرق المال وإلا أخذ الباقي بعد الفرض. وإذا اجتمعا سقط العم لأب بالعم لأبوين كأخ من أب مع أخ لأبوين، هذا عند عدم بني الاخوة، لأنهم يحجبونهم لتأخر رتبتهم عنهم.
(وكذا قياس بني العم) من الأبوين أو من الأب عند عدم العم كبني الاخوة، (و) كذا قياس (سائر) أي باقي (عصبة النسب) كبني بني العم وبني بني الاخوة وهلم جرا. فإن قيل: يرد على المصنف بنو الأخوات اللواتي هن عصبة مع البنات مع أن بنيهن ليسوا مثلهن وهن من عصبة النسب. أجيب بأن الكلام في العصبة بنفسه. (والعصبة) ويسمى به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، قاله المطرزي وتبعهم المصنف، وأنكر ابن الصلاح إطلاقه على الواحد لأنه جمع عاصب، ومعنى العصبة لغة قرابة الرجل لأبيه وشرعا كما قال المصنف: (من ليس له) حال التعصيب بجهة التعصيب (سهم مقدر من) الورثة (المجمع على توريثهم) من ذوي الأرحام. وإنما قيدت المقدر بجهة التعصيب لئلا