مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
ولا يطالب بنصف المهر إن لم تكن قبضت المهر لاحتمال سبقها، ولا يسترده هو منها إن كانت قبضته لاحتمال سبقه فيقر النصف في يدها حتى يتبين الحال. وأقام الزوج شاهدين أنهما أسلما حين طلعت الشمس أو غربت يوم كذا قبلت شهادتهما واستمر النكاح، أو أنهما أسلما مع طلوع الشمس أو غروبها يوم كذا لم تقبل، لأن وقت الطلوع أو الغروب يتناول حال تمامه وهي واحدة، والمعية للطلوع أو الغروب تتناول أوله وآخره، فيجوز أن يكون إسلام أحدهما مقارنا لطلوع أول القرص أو غروبه، وإسلام الآخر مقارنا لطلوع آخره أو غروبه.
باب الخيار:
في النكاح (والاعفاف ونكاح العبد) وما يذكر معها: وأسباب الخيار المتفق عليه ثلاثة، وعدها في الروضة أربعة، فجعل العنة سببا مستقلا، والأوجه دخولها في العيوب. وأما المختلف فيها فكالاعسار بالمهر أو النفقة، وكأن يجد أحدهما الآخر رقيقا أو يجد الزوج المرأة لا تحتمل الوطئ إلا بالافضاء، وسيأتي الكلام على ذلك في محله. الأول من الثلاثة العيوب، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم مشترك بين الزوجين، وقسم مختص بالزوجة، وقسم مختص بالزوج، وقد بدأ المصنف بالقسم الأول من العيوب، فقال: إذا (وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا) وإن انقطع أو كان قابلا للعلاج ثبت له الخيار كما سيأتي، الجنون زوال الشعور من القلب مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء، واستثنى المتولي من المنقطع الخفيف الذي يطرأ في بعض الزمان.
أما الاغماء بالمرض فلا يثبت به خيار كسائر الأمراض، ومحله كما قال الزركشي فيما تحصل منه الإفاقة كما هو الغالب. أما المأيوس من زواله فكالجنون كما ذكره المتولي، وكذا إن بقي الاغماء بعد المرض فيثبت به الخيار كالجنون. وألحق الشافعي رضي الله تعالى عنه الخبل بالجنون، والاصراع نوع من الجنون كما قاله بعض العلماء. (أو) وجد أحد الزوجين بالآخر (جذاما) وهو علة يحمر منها العضو ثم ينقطع ثم يسود ثم ينقطع ويتناثر، ويتصور ذلك في كل عضو لكنه في الوجه أغلب. (أو برصا) وهو بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته، ثبت له الخيار كما مر. هذا إذا كانا مستحكمين، بخلاف غيرهما من أوائل الجذام والبرص لا يثبت به الخيار كما صرح به الجويني قال: والاستحكام في الجذام يكون بالتقطع وتردد الإمام فيه وجوز الاكتفاء باسوداده. وحكم أهل المعرفة باستحكام العلة ولم يشترطوا في الجنون الاستحكام، قال الزركشي: ولعل الفرق أن الجنون يفضي إلى الجناية على الزوج. فإن قيل: كيف يتصور فسخ المرأة بالعيب لأنها إن علمت به فلا خيار لها، وإن لم تعلم به فالتنقي من العيوب شرط في الكفاءة فلا يصح النكاح إذا عدم التكافؤ؟ أجيب بأن هذا غفلة عن قسم آخر، وهو ما إذا أذنت في التزويج من معين ولو من غير كفء وزوجها الولي منه بناء على أنه سليم فإذا هو معيب، فالمذهب صحة النكاح كما صرح به الإمام في باب التولية والمرابحة، ويثبت الخيار بذلك. ثم شرع فيما هو مختص بالزوجة، فقال: (أو وجدها) الزوج (رتقاء أو قرناء) بأن انسد محل الجماع منها في الأول بلحم وبالثاني بعظم في الأصح، وقيل: بلحم، وعليه فالرتق والقرن واحد، ثبت له الخيار كما سيأتي، وليس للزوج إجبار الرتقاء على شق الموضع، وإن شقته وأمكن الوطئ فلا خيار، ولا تمكن الأمة من الشق قطعا إلا بإذن السيد. ثم شرع فيما هو مختص بالزوج، فقال: (أو وجدته عنينا) وهو العاجز عن الوطئ في القبل خاصة، قيل سمي عنينا للين ذكره وانعطافه مأخوذ من عنان الدابة للينه. (أو مجبوبا) وهو مقطوع جميع الذكر أو لم يبق منه قدر الحشفة، أما إذا بقي منه ما يولج قدرها فلا خيار لها. وجواب إذا المقدرة في كلام المتن قوله: (ثبت) لواجد العيب من الزوجين (الخيار في فسخ النكاح) كما تقرر لكن بعد ثبوت العيب عند القاضي كما سيأتي. وثبوت الخيار بهذه العيوب قال به جمهور العلماء
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460