مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
أو الزوج) بعد توكيله التزويج، (فعقد وكيله الحلال لم يصح) لعقد (والله أعلم) لأن الموكل لا يملكه ففرعه أولى. وأيضا الوكيل في النكاح سفير محض، فكأن العاقد هو الموكل، ولا ينعزل الوكيل بإحرام موكله فيعقد بعد التحلل. ولو عقد الوكيل واختلف الزوجان هل وقع قبل الاحرام أو بعده صدق مدعي الصحة بيمينه لأن الظاهر في العقود الصحة.
ولو وكل محرم حلالا في تزويجه، أو أذنت محرمة لوليها أن يزوجها صح، سواء أقال كل لتزويج بعد التحلل أم طلق أم طلق، لأن الاحرام إنما يمنع الانعقاد دون الاذن، وإن شرط صدور العقد في الاحرام لم يصح التوكيل ولا الاذن. ولو وكل حلال محرما ليوكل حلالا في التزويج صح لأنه سفير محض. قال الزركشي: هذا إذا لم يقل له وكل عن نفسك فإن قال له ذلك ينبغي أنه لا يصح كما ذكروا مثله فيما إذا وكل المولى المرأة لتوكل عن نفسها من يزوجها. قال شيخنا: والأوجه الصحة. ويفرق بأن المرأة ليست أهلا للتزويج أصلا، بخلاف المحرم فإنه في ذاته أهل لذلك وإنما عرض له مانع يزول عن قرب اه‍. لكن كلام الزركشي مطلق، فإن حمل على أنه لم يقيد التزويج بحال الاحرام فما قاله شيخنا في الرد عليه صحيح، وإن حمل على التقيد بحال الاحرام فما قاله الزركشي صحيح، كما لو قال المحرم للحلال: زوجني حال إحرامي، فلم يتحرر بينهما محل النزاع.
فائدة: لو تزوج ناسيا للصلاة صحت صلاته ونكاحه، بخلاف المحرم لو تزوج ناسيا للاحرام لم يصح نكاحه، لأن عبارة المحرم غير صحيحة وعبارة المصلي صحيحة. (ولو غاب) الولي (الأقرب) نسبا أو ولاء (إلى مرحلتين) ولا وكيل له حاضر بالبلد، أو دون مسافة القصر، (زوج السلطان) أي سلطان بلدها أو نائبه لا سلطان غير بلدها ولا الابعد على الأصح، لأن الغائب ولي والتزويج حق له، فإذا تعذر استيفاؤه منه ناب عنه الحاكم، وقيل: يزوج الابعد كالجنون.
قال الشيخان: والأولى للقاضي أن يأذن للأبعد أن يزوج أو يستأذنه فيزوج القاضي للخروج من الخلاف. (ودونهما) أي المرحلتين (لا يزوج إلا بإذنه في الأصح) لقصر المسافة، فيراجع فيحضر أو يوكل كما لو كان مقيما. والثاني: يزوج، لئلا تتضرر بفوات الكفء. الراغب كالمسافة الطويلة. وعلى الأول لو تعذر الوصول إليه لفتنة أو خوف جاز للسلطان أن يزوج بغير إذنه، قاله الروياني. قال الأذرعي: والظاهر أنه لو كان في البلد في سجن السلطان وتعذر الوصول إليه أن القاضي يزوج، ويزوج القاضي أيضا عن المفقود الذي لا يعرف مكانه ولا موته ولا حياته، لتعذر نكاحها من جهته فأشبه ما إذا عضل، هذا إذا لم يحكم بموته وإلا زوجها الابعد، وللقاضي التعويل على دعواها غيبة وليها، وأنها خلية عن النكاح والعدة، لأن العقود يرجع فيها إلى قول أربابها لكن يستحب إقامة البينة بذلك ولا يقبل فيها إلا شهادة مطلع على باطن أحوالها. قال الرافعي بعد ذكره استحباب إقامة البينة: فعلى هذا لو ألحت في المطالبة ورأي القاضي التأخير فهل له ذلك؟ وجهان، أظهرهما له ذلك احتياطا للأنكحة، وله تحليفها أنها لم تأذن للغائب إن كان ممن لا يزوج إلا بإذن، وعلى أنه لم يزوجها في الغيبة، ومثل هذه اليمين التي لا تتعلق بدعوى هل هي واجبة أو مندوبة؟ وجهان، ويظهر الأول احتياطا للأبضاع.
ولو زوجها الحاكم لغيبة وليها ثم قدم وقال: كنت زوجتها في الغيبة قدم نكاح الحاكم، ويفارق ما لو باع عبد الغائب لدين عليه فقدم وادعى بينة حيث يقدم بيع المالك بإذن الحاكم في النكاح كولي آخر. ولو كان لها وليان فزوج أحدهما في غيبة الآخر ثم قدم وادعى سبقه كلف البينة. ولو باع الوكيل ثم ادعى الموكل سبقه فكذلك على الأظهر في النهاية فإن أقام الولي بينة بسبقه قدم نكاحه. وسيأتي بقية التفصيل في الوليين فيأتي مثله هنا. (وللمجبر) لموليته (التوكيل في التزويج) منها (بغير إذنها) كما يزوجها بغير إذنها، لكن يسن له استئذانها ويكفي سكوتها. (ولا يشترط) في جواز توكيل المجبر (تعيين الزوج) للوكيل (في الأظهر) لأنه يملك التعيين في التوكيل فيملك الاطلاق به كما في البيع وسائر التصرفات. والثاني: يشترط ذلك
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460