مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل - ثلاثا - فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له رواه الترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه. ويستثنى من إيجاب المهر ما إذا كان الناكح محجورا عليه بسفه كما سيأتي.
تنبيه: اقتصاره على المهر يفهم أنه لا يلزمه معه أرش بكارة لو كانت بكرا، وهو من صرح به في المجموع في الكلام على البيع الفاسد فإنه نقل ذلك عن الشافعي والأصحاب، وفرق بينه وبين البيع الفاسد بأن إتلاف البكارة مأذون فيه في النكاح الفاسد كما في النكاح الصحيح، بخلاف البيع الفاسد فإنه لا يلزم منه الوطئ. و (لا) يوجب الوطئ في النكاح المذكور (الحد) سواء أصدر ممن يعتقد تحريمه أم لا، لشبهة اختلاف العلماء في صحة النكاح، لكن يعذر معتقد تحريمه لارتكابه محرما لا حد فيه ولا كفارة ولو لم يطأ الزوج في هذا النكاح المذكور فزوجها وليها قبل التفريق بينهما صح.
ولو طلقها ثلاثا لم يفتقر في صحة نكاحه لها إلى محلل لعدم وقوع الطلاق، لأنه إنما يقع في نكاح صحيح. ولو حكم بصحته أو ببطلانه حاكم يراه لم ينقض حكمه، فلو وطئها بعد الحكم ببطلانه حد كما قاله الماوردي وامتنع على الحاكم المخالف بعد ذلك الحكم بصحته. أما الوطئ في نكاح بلا ولي ولا شهود فإنه يوجب الحد جزما لانتفاء شبهة العلماء.
ثم أشار المصنف رحمه الله إلى قاعدة، وهي أن من ملك الانشاء. ملك الاقرار غالبا ومن لا فلا، بقوله: (ويقبل إقرار الولي) على موليته (بالنكاح) بعد لين وإن لم توافقه البالغة العاقلة عليه، (إن استقل بالانشاء) وقت الاقرار بأن كان مجبرا والزوج كفؤا، لأن من ملك الانشاء ملك الاقرار غالبا كما مر. (وإلا) بأن لم يكن مستقلا بإنشاء النكاح وقت الاقرار لكونه غير مجبر، (فلا) يقبل إقراره عليها لعجزه عن الانشاء إلا بإذنها.
تنبيه: يدخل في عبارة المصنف لولا الذي قدرته ما إذا استقل بالانشاء وكان عند الاقرار غير مستقل، كما لو كانت ثيبا وادعى أنه زوجها حين كانت بكرا فإنه لا يقبل قوله وإن كان استقل بالانشاء، وعبارة المحرر: يقبل إقرار الولي بالنكاح إذا كان مستقلا بالانشاء. قال السبكي: وهو أحسن من تعبير المنهاج، لأن معناه وصفه بذلك حين الاقرار. ثم استثنى من عكس القاعدة المذكورة ما تضمنه قوله: (ويقبل إقرار البالغة العاقلة) الحرة ولو سفيهة فاسقة بكرا كانت أو ثيبا، (بالنكاح) من زوج صدقها على ذلك ولو غير كفء، (على الجديد) وإن كذبها الولي والشاهدان إن عينتهما، أو قال الولي: ما رضيت إذا كان الزوج غير كفء، لأن النكاح حق الزوجين فثبت بتصادقهما كغيره من العقود، ولاحتمال نسيان الولي والشاهدين وكذبهم. ولا بد من تفصيلها الاقرار فتقول: زوجني منه ولي بحضرة عدلين ورضائي إن كانت ممن يعتبر رضاها. فإن قيل: سيأتي في الدعاوي أنه يكفي إقرارها المطلق فيكون هنا كذلك أجيب بأن ذاك محله في إقرارها الواقع في جواب الدعوى، وما هنا في إقرارها المبتدأ. ولو كان أحد الزوجين رقيقا اشترط مع ذلك تصديق سيده كما بحثه الزركشي في الأمة، ومثلها العبد، فإن لم يصدقها الزوج لم يحل لها أن تنكح غيره في الحال كما قاله القفال اعتبارا بقولها في حق نفسها، وطريق حلها أن يطلقها كما في نظيره من الوكيل وغيره، والقديم:
إن كانا غريبين يثبت النكاح وإلا طولب بالبينة لسهولتها. وعن القديم عدم القبول مطلقا، وهو قضية كلام المصنف، ومنهم من نفاه عن القديم وحمله على الحكاية عن الغير. وإن أقرت لزوج والمجبر لآخر فهل يقبل إقراره أو إقرارها أو السابق أو يبطلان جميعا؟ احتمالات للإمام، قال الزركشي: والصواب تقديم السابق فإن أقرا معا فالأرجح تقديم إقرار المرأة لتعلق ذلك ببدنها وحقها، ولو جهل فهل يتوقف أو يبطلان؟ فيه احتمالان لصاحب المطلب اه‍. وينبغي أن يعمل بإقرارها، لأنا تحققنا وشككنا في المفسد والأصل عدمه، ونقل في الأنوار عن التلخيص ترجيح السقوط مطلقا.
ولو ادعى نكاح امرأة وذكر شرائط العقد وصدقته المرأة ففي فتاوي القاضي أنه لا يجب عليه صداقها، لأن هذا إقرار باستدامة النكاح واستدامته تنفك عن الصداق.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460