يخلله بنحو مسلة ولا يربط طرفه بطرفه الآخر بخيط، ولو اتخذ له شرجا وعرا وربط الشرج بالعرا حرم عليه ولزمته الفدية.
فائدة: قال بعض العلماء: والحكمة في تحريم لبس المخيط وغيره مما منع منه المحرم أن يخرج الانسان عن عادته فيكون ذلك مذكرا له ما هو فيه من عبادة ربه فيشتغل بها.
تنبيه: تقدم الكلام على سائر في آخر خطبة الكتاب هل هو بمعنى باقي أو جميع؟ قيل: ولا يصح هنا أن يستعمل بمعنى باقي فإنه لم يتقدم حكم شئ من البدن حتى يكون هذا حكم باقيه فإن الرأس قسيم البدن لا بعضه، ولذلك قدرت جميع في كلامه. قال الأسنوي، وخريطة اللحية لا تدخل في كلام المصنف لأن اللحية لا تدخل في مسمى البدن، وكان ينبغي للمصنف أن يستثني الوجه فإنه لا يحرم ستره على الرجل عندنا، قال الدارمي وغيره: وقد روي فعله عن عثمان رضي الله تعالى عنه، لكن يبقى شيئا ليستوعب الرأس بالكشف. (إلا إذا) كان لبسه لحاجة كحر وبرد فيجوز مع الفدية، أو (لم يجد غيره) أي المخيط ونحوه فيجوز له من غير فدية. وله لبس السراويل التي لا يتأتى الاتزار بها عند فقد الإزار، ولبس مداس، أي مكعب، وهو ما يسمى بالسرموزة والزربول الذي لا يستر الكعبين، وكذا لبس خف إن قطع أسفل كعبه وإن ستر ظهر القدمين فيهما بباقيهما عند فقد النعلين. قال الزركشي: والمراد بالنعل التاسومة، ويلتحق به القبقاب لأنه ليس بمخيط. ولم يشترطوا في جواز لبس السراويل قطعه فيما جاوز العود لاطلاق الخبر، وعلله في المجموع بإضاعة المال، والفرق بينه وبين وجوب قطع الخف عند فقد النعل مشكل، لكن ورد النص بذلك. نعم يتجه عدم جواز قطع الخف إذا وجد المكعب، ولا يجوز لبس الخف المقطوع والمداس مع وجود النعلين على الصحيح المنصوص، أما المداس المعروف الآن فهذا يجوز لبسه لأنه ليس مخيطا بالقدم، فقول المصنف في مناسكه يحرم لبس المداس المراد به المكعب كما مر. وإذا لبس السراويل للحاجة ثم وجد الإزار أو الخف ثم وجد النعل لزمه نزعه في الحال، فإن أخر بلا عذر أثم ولزمته الفدية. ولو قدر على أن يستبدل بالسراويل إزارا متساوي القيمة فالصواب كما قاله القاضي أبو الطيب وجوبه إن لم يمض زمن تبدو فيه عورته وإلا فلا.
تنبيه: ظاهر عبارة المصنف أنه لا يجوز اللبس لحاجة البرد والمداواة، وليس مرادا، إذ المنقول في كلام الشيخين وغيرهما الجواز لكن مع الفدية كما قدرته في كلامه، فلو عبر بالحاجة كما عبر به في الرأس لكان أولى. ولا فرق في جميع ما تقدم بين البالغ والصبي، إلا أن الاثم يختص بالمكلف ويأثم الولي إذا أقر الصبي على ذلك، ولا فرق في ذلك بين طول زمن اللبس وقصر. (ووجه المرأة) ولو أمة كما في المجموع، (كرأسه) أي الرجل في حرمة الستر لوجهها أو بعضه، إلا لحاجة فيجوز مع الفدية. وعلى الحرة أن تستر منه ما لا يتأتى ستر جميع رأسها إلا به احتياطا للرأس، إذ لا يمكن استيعاب ستره إلا بستر قدر يسير مما يليه من الوجه، والمحافظة على ستره بكماله لكونه عورة أولى من المحافظة على كشف ذلك القدر من الوجه. ويؤخذ من التعليل أن الأمة لا تستر ذلك لأن رأسها ليس بعورة، وهو ظاهر. ولا ينافي ذلك قول المجموع ما ذكر في إحرام المرأة ولبسها: لم يفرقوا فيه بين الحرة والأمة وهو المذهب، لأنه في مقابلة قوله. وشذ القاضي أبو الطيب فحكى وجها أن الأمة كالرجل، ووجهين في المبعضة هل هي كالأمة أو كالحرة؟ اه. فإن أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أرخت عليه ما يستره بنحو ثوب متجاف عنه بنحو خشبة بحيث لا يقع على البشرة، وسواء أفعلته لحاجة كحر وبرد أم لا. كما يجوز للرجل ستر رأسه بنحو مظلة، فلو وقعت الخشبة مثلا فأصاب الثوب وجهها بلا اختيار منها فرفعته فورا لم تلزمها الفدية وإلا لزمتها مع الاثم. (ولها) أي المرأة (لبس المخيط) وغيره في الرأس وغيره، (إلا القفاز) فليس لها ستر الكفين ولا أحدهما به، (في الأظهر) للحديث المتقدم، ولان القفاز ملبوس عضو ليس بعورة في الصلاة فأشبه خف الرجل وخريطة لحيته. والثاني: يجوز لها لبسهما، لما رواه الشافعي في الام عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأمر بناته يلبسهما في الاحرام. قال الجوهري: والقفاز شئ يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار تزر على الساعدين من البرد تلبسه المرأة في يديها، ومراد الفقهاء ما يشمل المحشو وغيره. ويجوز لها ستر الكفين بغير القفاز ككم وخرقة تلفها عليهما